القائمة الرئيسية

الصفحات

كتاب الايام طه حسين الجزء الثالث تلخيص سؤال وجواب مناقشة 8


1- على باب الأزهر
كم المدة التي أنفقها الفتى في الأزهر؟ وكيف كانت في نظره؟
أنفق صاحبنا في الأزهر أربعة أعوام .
مرت عليه كأنها أربعين عاما, لأنها قد طالت عليه من جميع أقطارها (نواحيها /م/ قطر) وكأنها الليل المظلم.
أسباب طول السنوات ألأربع في نظر صاحبنا:
فأصبح يضيق بالحياة في الأزهر, لقد تراكمت عليه السحب القاتمة (السوداء) الثقال, ولكن لم يكن الفقر هو سبب ذلك الضيق, ولا قصر يده (عجزه) عما يريد, وذلك لأن الفقر وقصر القصيد شيئا مألوفا في حياة طلاب العلم الأزهريين.
معاناة الجميع من الفقر وحبهم له:
فقد كان العشرات والمئات من طلاب العلم حول الفتي في الأزهر يشقون كما يشقى ويبقون ما يلقى من قصر اليد عن أبط ما يحتاجون ويحبون, حتى وصل بهم الأمر إلى أن  ألفوا (تعودوا وأحبوا ) الفقر واستيقنوا (علموا وتحققوا) أن الثراء والسعة وخفض العيش (الغنى والرفاهية) أسباب تعوق تحصيل العلم, وأن الفقر شرط للجد(الاجتهاد) والكد (الاشتداد في اعمل) والاجتهاد, وأن غنى النفس والقلوب بالعلم أجدى من امتلاء الجيوب بالمال.
ملل الفتى من حياة الأزهر؟
لا تنس الدعاء
فبه قضاء الحاجات, ونجاة من المهلكات
وكنز لك يوم يقوم الأشهادوكان يضيق بهذا الٍأم الذي ملأ عليه حياته كلها, وأخذ نفسه من جميع جوانبها, فقد كانت حياته مطردة (متتابعة) متشابهة لا يجد فيها جديد منذ بدأ العام الدراسي إلى أن ينقضي.
كيف كانت حياة الفتى؟
وقد كانت حياته الرتيبة المتشابهة تنقضي كالآتي, درس التوحيد بعد صلاة الفجر ودرس الفقه بعد أن تشرق الشمس, ودرس النحو بعد ارتفاع الضحى.
ثم يأكل الفتى شيئا من الطعام الغليظ , ثم درس في النحو أيضا بعد الظهر, ثم يعيش في فراغ كثيف (ثقيل المراد ممل), يأكل فيه بعض الطعام الغليظ, ثم إذا انتهى المغرب راح لدرس المنطق, يسمعه من هذا الشيخ أو ذاك.
وأشد ما كان يبعث عليه الملل, أنه مع كل هذه الدروس يسمع كلاما معادا وأحاديث لا تمس القلب ولا تمس ذوقه, ولا تغذو (تفيد) عقله ولا تضيف إلى علمه علما جديدا, حتى تربت في نفسه الملكة التي يتحدث عنها الأزهريون, وهي أنه أصبح يفهم ما يقوله هؤلاء الشيوخ, ولكنها من غير طائل (فائدة).
كيف فكر الصبي في هذا الوقت في مستقبله؟
فكر الصبي أنه ما زال أمامه ثمانية أعوام أخرى, سيعدها ثمانين عاما كما عد الأربعة أعوام السابقة أربعين, لما ينتظره فيها من ملل وسأم وتكرار لما يقال, فهو مجبر خلال هذه الأعوام الثمانية أن يختلف إلى هذه الدروس كما تعود أن يفعل وأن يسمع لهذا الكلام يعاد ويكرر على الغرم أنه لا يسيغه (يقبله) ولا يجد فيه غناء (فائدة).
أثر اسم الجامعة على الفتى:
وقع اسم الجامعة على نفس الفتى لأول مرة موقع الغرابة الغريبة, لأنه لم يسمع هذه الكلمة من قبل, ولم يعرف إلا الجامع الذي ينفق فيه نهاره وشطر من ليله, وبدأ يسأل نفسه ماذا تكون هذه الجامعة؟ وما الفرق بينها وبين الجوامع التي كان يختلف فيها إلى شيوخه.
فقد اختلف إلى كثير من المساجد التي كان الشيوخ ينأون (يبعدون) بدرسهم وطلابهم عن الأزهر مما جعل له فرصه للترف والترفيه بعيدا عن سأم الحياة في الأزهر.
الفرق بين الجامعة والجامع:
فهم الفتى معنى مقاربا لكلمة الجامعة وهي أنها كمدرسة ولكن ليست كالمدارس التي يعرفها, وأحسن مميزاتها عنده أن دروسها ليست كدروس الأزهر من قريب أو بعيد, وأن طلابها لن يكونوا من أصحاب العمامة وحدهم, بل سيكون فيها المطربشون, بل إنهم أكثر من أصحاب العمامة.
وذلك أن المعممين لن يعدلوا (يسووا) بعلمهم الأزهري علما آخر,ولن يشغلوا أنفسهم بتلك القشور التي يضيع فيها أبناء المدارس أوقاتهم.
حيرة الفتى في مسألة التقدم للجامعة:
لقد كان نبأ الجامعة إيذانا بانكشاف غمته (حزنه وكربه) وانجلاء غمرته (شدته), وذلك
أنها قد تتيح له الاستماع إلى علوم غير التي كان يسمعها  ويعيدها ويكررها.
ولكنه مع ذلك عاش في قلق وحيرة وشك مضض (مؤلم), وتساءل أتقبله الجامعة بين طلابها حين يتم إنشاؤها وهو أعمى؟ أم ترده إلى الأزهر ردا غير جميل لأنه الوسيلة الوحيدة في ذلك الوقت لتعليم المكفوفين؟
أثر قلق وحيرة الفتى علي نفسه:
لقد كان هذا الشك يؤلم نفسه ويقض مضجعه (لا يجعله يهنأ بالنوم) ولم يكن يتحدث في هذا الأمر إلا مع نفسه, فهو لم يصرح لأحد بهذا الأمر حتى مع ذوي خاصته (المقربين منه) وما ذلك إلا حياء أن يتحدث بآفته للناس (عماه) , فقد كان يؤذيه بشده حديث الآخرين إليه عنها, وما أكثر ما كانوا يفعلون!
ولما أنشئت الجامعة وعلم علمها ذهب عنه الخوف والقلق وحل محلهما الأمل الكبير.
الانشغال بالجامعة عن الأزهر:
في أحد الأيام بعد أنشئت الجامعة ذهب الفتى إلى الأزهر ولكنه لم يسمع شيئا ولم يفهم شيئا, فقد كان حاضرا كالغائب, ويقظا كالنائم, وذلك لأنه انشغل بأمر الجامعة انشغالا شديدا حتى أنه لأول مرة سمع درس الأدب في الضحا دون أن يفهم شيئا.
الجنيه والجامعة:
لم ينتظر الفتى حتى العصر وإنما أسرع مع زميليه إلى الجامعة في أعقاب درس البلاغة, فدفع كل واحد منهم جنيها ليستمع إلى درس الجامعة, وكان لابد من دفع هذا الجنيه.
وكان غريبا على الطلاب أن يشتروا العمل بالمال حتى وإن كان قليل, فقد تعودوا على أن يرزقوا أرغفة لطلبهم العلم في الأزهر, وقد كان ذلك الجنيه عليهم عسيرا, ولكنهم أحبوا درس الجامعة بمقدار ما وجدوا من العسر في أداء ثمنه.
اختلاف الدرس الأزهري عن الدرس الجامعي:
استمع الفتى لأول درس من دروس الجامعة في الحضارة الإسلامية على يد (أحمد زكي بك) الذي اختلف عن الدرس الأزهري اختلافا كليا, وراع الفتى (أعجبه وأدهشه) هذا الأسلوب الذي لم يألفه في الأزهر:
فقد بدأ الأستاذ (أحمد زكي بك) كلامه للطلاب أنفسهم بإلقاء تحية الإسلام فقال " أيها السادة أحييكم بتحية الإسلام: السلام عليكم ورحمة الله ".
وقد كان الشيوخ في الأزهر يتجهون في أول درسهم إلى الله فيثنون عليه ثم يصلون ويسلمون على النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وأصحابه أجمعين, ولا يحيون طلابهم.
وكذلك أعجب الفتى أسلوب الدرس, فقد كان الأستاذ أحمد زكي بك, يعرض درسه مما كان يحفظه في الذاكرة ويفهمه من العلوم, ولا يقرأ من كتابا كما كان يفعل شيوخ الأزهر, ولم يبدأ كلامه بالمقولة الأزهرية الشهيرة (قال المؤلف رحمه الله).
كما أن أسلوب الأستاذ احمد زكي بك واضحا سويا مستقيما لا فنقلة فيه ولا اعتراض عليه, بل كان غريبا كل الغرابة, جديد كل الجدة.
وقبل أن ينقضي الدرس الأول أعلن الأستاذ (أحمد زكي بك) أنه سيعيد هذا الدرس بعد دقائق ليتاح للطلاب الكثيرين الذين لم يستطيعوا دخول الغرفة أن يسمعوه.
أثر درس الجامعة على الفتى:
لقد كان أسلوب الأستاذ أحمد زكي بك غريبا كل الغرابة جديدا كل الجدة, حتى انه ملك على الفتى عقله كله وقلبه كله, فشغل عن صاحبيه, وشغل عمن حوله, بل وصل الأمر إلى أنه لم يخرج مع من خرج بعد انتهاء الدرس, وأقام في مكانه (جلس واستقر) ليستمع للدرس مرة ثانية مع من لم يتح لهم الدخول أول مرة.
واستمر أثر الدرس على الفتى بعد أن عاد إلى بيته, فلم ينم تلك الليلة, وسمع المؤذن يدعو لصلاة الفجر فلم ينهض من فراشة وتثاقل حتى ارتفع الضحا, ولولا درس الأدب في الرواق العباسي لظل في غرفته حتى المساء.
درس الأدب وسخرية الشيخ من الفتى:
ذهب الفتى إلى درس الأدب فلم يحفل به أول الأمر, ولكن الشيخ سأله عن شيء فلجلج الفتى (تردد في الإجابة ولم يبين), فسأله الشيخ في سخرية عن المقطفين الذين ركاب في رأسه ماذا يفعل بهما؟
فأنصت وأقبل علي الدرس كما كان يقبل من قبل, فلم يضيع من قول الشيخ حرفا واحدا


درس النحو والمقطف:
وأثناء درس النحو استمع إليه الفتى ولم يمنح أستاذه إلا مقطف واحد (أذن) من مقطفيه, بل لم يمنحه مقطفه كله, فقد كان مشغولا بدرس الجامعة في المساء الذي سيلقيه أحمد زكي بك عن الحضارة المصرية القديمة.
أثر درس الحضارة المصرية القديمة على الفتى:
ولما سمع الفتى هذا الدرس لم تسعه الأرض (تضيق عليه) على رحبها, فقد سمع أشياء لم تخطر له على بال,ولم يتصور أنها قد كانت, أو أن الناس يمن أن يتكلموا عنها.
الأستاذ الإيطالي:
وفي اليوم الثالث أشتد تحرقه (تشوقه) إلى درس الجامعة وكان أشد شوقا من اليومين الأولين, فسيكون الأستاذ إيطاليا وسيتحدث للطلاب بالعربية, بل إن الفتى سيسمع درسا لم يسمع عنه من قبل ولا أترابه (زملاؤه في السن /ج/تِرب) الأزهريين, فالأستاذ سيتحدث في شيء أنكرته آذانهم وكان غريبا عليهم, وهو (أدبيات الجغرافيا والتاريخ).
وتساءل في نفسه ماذا تكون كلمة أدبيات, وكيف تكون في الجغرافيا والتاريخ؟
ضياع درس الأستاذ الإيطالي:
أقبل الفتية على الدرس ولكنهم لم يفهموا شيئا لأنهم لم يسمعوا شيئا, فقد كان الأستاذ الإيطالي شيخا كبيرا, وصوته نحيف لا يصل لأقرب الطلاب منه, والطلاب كثيرون, مما أدى لضجيج الطلاب فضاع الدرس الأول في غير طائل (فائدة) بعد أن تعب الأستاذ فيه.
فاضطرت الجامعة لاختيار مبلغ عن الأستاذ من الطلاب, فاختارت أرفعهم صوتا وأفصحهم نطقا ليبلغ عن الأستاذ كما يبلغ المصلين عهن الإمام في الصلاة.
وعلى الرغم من مرور ثلاثة أيام فقط للفتى في الجامعة إلا أنها غيرت حياته كلها تغييرا فجائيأ

مناقشة الفصيح
حدد أى العبارات الآتية (صواب) أم (خطأ):
1- أنفق الفتى فى الأزهر أربعة أعوام.
2- كان الفتى هو الوحيد الذى يعانى من الفقر.          
3- كانت الحياة المطردة فى الأزهر هى سبب ضيق الفتى.       
4- الجامعة لا يدخلها إلا المطربشون.   
5- كان أول درس فى الجامعة استمع إليه الفتى درس فى الحضارة الإسلامية.           
6- تغيرت حياة الفتى بعد التحاقه بالجامعة.      
7- كان الفتى قلقاً من عدم قبوله بالجامعة لأنه فقير.      
8- كان أحمد زكى بك يتوجه بحديثه إلى الطلاب.      
تخير الإجابة الصحيحة لما يلى:
1- "ولم يكن الفتى يضيق بالفقر ، ولا بقصر يده عما كان يريد".
مرادف قصر:   عجز  - ضعف  - كسل        
2- "حياة مطردة متشابهة لا يجد فيها جديداً".
المقصود بالحياة المطردة:
حياته فى الأزهر - حياته فى الجامعة  - حياته فى القرية        
3- "فى أثناء هذا كله ذكر اسم الجامعة فوقع فى نفسه أول الأمر موقع الغرابة".
وذلك لأنه:  (لم يسمع هذه الكلمة من قبل  - مل حياته بالأزهر  - كان يتشوق إليها)    
س: "وكان الفتى يرى من حوله عشرات ومئات يشقون كما يشقى ، ويلقون مثل ما يلقى، وتقصر أيديهم عن أقصر ما كانوا يحبون وقد اطمأنوا إلى ذلك وألفته نفوسهم".
( أ ) هات مضاد "تقصر" ، ومرادف "ألفته".      
(ب) لماذا ضاق الفتى بحياته فى الأزهر؟        
جـ) لماذا كان الفتى لا يضيق بالفقر؟  
س: "وكان نبأ الجامعة هذا إيذانا للفتى بأن غمته تلك توشك أن تكشف وبأن غمرته تلك توشك أن تنجلى".
( أ ) ما جمع (نبأ)؟ وما مرادف (غمرته)؟       
(ب) ما الغمة المشار إليها؟      
 (جـ) كيف انكشفت غمة الفتى؟        
س: "وقد سمع الفتى درس الأدب غير حفى به أول الأمر، ولكن الشيخ سأله عن شىء فلجلج الفتى وسخر منه الشيخ".
( أ ) هات مرادف "حفى" ومضاد "لجلج".         
(ب) لم كان الفتى غير حفى بدرس الأدب؟       
(جـ) لماذا تشوق الفتى إلى الدرس الثالث بالجامعة؟
س: "وكان تحرقه إلى درس اليوم الثالث أشد وأقوى من تحرقه إلى الدرسين اللذين سبقاه. فسيكون الأستاذ إيطاليا وسيتحدث باللغة العربية ! إيطالى يتحدث إلى المصريين فى العلم بلغتهم العربية وفى شىء لم يسمع الفتى وأترابه الأزهريون به قبل يومهم ذاك".
 ( أ ) هات جمع "الفتى" ، ومفرد "أترابه".       
(ب) ما اسم الموضوع الذى تحدث فيه الأستاذ الإيطالى؟         
جـ) لماذا لم يفهم الفتى وأترابه درس الأستاذ الإيطالى؟




2- عندما خفق القلب لأول مرة
فضل الشيخ عبد العزيز جاويش:
لقد كان للشيخ عبد العزيز جاويش فضل عظيما على الفتى, حتى تجاوز الحد (تعداه), فالشيخ عبد العزيز هو أول من قدم الفتى للناس صباح أحد الأيام ينشد الشعر, كما كان يفعل الشعراء الكبار في بعض الناسبات العامة, وبخاصة (حافظ)
الاحتفال برأس السنة الهجرية:
ألف (تعود) الناس على الاحتفال برأس السنة الهجرية, في مطلع كل عام هجري, وكان الشيخ عبد العزيز يحرص على أن يحتفل الحزب الوطني بهذه المناسبة كل عام, وفي أحد الأعوام أقام الشيخ عبد العزيز احتفالا في مدرسة مصطفى كامل, فاحتشد (اجتمع) في الحفل عدد كبير من الناس كبارا وصغارا وكهولا ( من تجاوز الثلاثين إلى الخمسين).
الفتى ينظم الشعر:
وكان الفتى قد نظم قصيدة بمناسبة قدوم العام الهجري وأنشدها للشيخ عبد  العزيز جاويش فرضي الشيخ عنها وحثه على أن يكتب أمثالها.
الفتى ينشد الشعر أمام الناس:
وجلس الفتى في الاحتفال بين الناس, فوجد من يأخذ بيده ويجلسه على المنصة, فظن في نفسه أن الشيخ عبد العزيز لا يريد إلا أن يرفق به ويقربه من مجلسه, فشعر الفتى بسرور عظيم وعد (قدَّر) ذلك فضلا عظيما للشيخ عبد العزيز جاويش عليه.
وبعد أن خطب الخطباء وصفق الحاضرون, والفتى مسرور بما يجده لم يرع (يفزعه) إلا سماع اسمه يعلن للناس أنه سينشدهم قصيدته العصماء (القوية) لبث في مكانة جامدا واجما (ساكنا فزعا) لا يستطيع حراك, ولا يدري ماذا يصنع, ولا يعرف ماذا يقول, فأقبل من أخذه من يده ليقف على المائدة فينشد الناس القصيدة, فهم (عزم وقصد) أن يرفض ويمتنع خجلا وحياء.
ولكن من أخذ بيده لم يعطه الفرصة لذلك فقد جذبه جذبا قويا, وجعل الناس من حوله يدفعونه إلى المائدة ويجرونه إليها جرا, فلم يجد بد من إنشاد القصيدة, فأنشدها في صوت قوي ثابت, قواه وثبته تصفيق الناس الحاد له, ولكنه لم يكن مستقرا في مكانة فقد كان
جسده يرتعد (يرتجف).
فقابل الناس قصيدته بالتصفيق والاستحسان, فخيل إليه أنه في مكانه حافظا أو قريب من حافظ.
مرور الأعوام وذكريات الماضي:
ومرت الأعوام واختلفت (تعاقبت) على الشيخ وعلى الفتى خطوب (أحداث جسام عظام) وكذلك تعاقبت على مصر خطوب وأحداث, وتجاوز الفتى سن الشباب والكهولة, وأعرض عن الشعر كل الإعراض وتبين له أنه لم يقل الشعر قط, وإنما قال سخفا كثير, وجلس ذات مساء مع أحد الأصدقاء الذي ذكره بصباه وبمدرسة مصطفى كامل وذكره بمطلع قصيدته, فرثى الشيخ لما أضاع من عمره وصباه وجهده في غير طائل (قول الشعر).
الفتى ومجلة الهداية:
لم يقف فضل الشيخ جاويش على الفتى عند هذا الحد, بل تجاوزه أيضا فقد علمه الشيخ كيف يكتب في المجلات, وكان الشيخ قد انشأ مجلة الهداية, وطلب إلى الفتى أن يشترك في تحريرها, ثم ترك له أو كاد يترك له الإشراف على التحرير, وكذلك علمه الشيخ إعداد الصحف وتنسيق فصولها وما ينشر فيها.
هجوم الفتى على الشيخ رشيد:
لم تخل الهداية من جدال عنيف دفعه الفتى وأسرف فيه, فقد كان خصمه الشيخ رشد رضا , حيث كتب الفتى أحاديث عن الشيخ استحى منها فيما بعد حينما ذكرت له, فقد أسرف على نفسه وعلى الشيخ رشيد, وكان يمقت من الشيخ رشيد ممالأته (نفاقه ومهادنته) للخديو وانحرافه عن طريق الأستاذ الإمام, وزاده في هذا الجدال والإسراف إعجابه بنفسه واغتراره بثناء الناس عليه.
وكان الشيخ عبد العزيز جاويش رضيا عن هذه الأحاديث ويشجعه على المضي فيها.
الفتى مدرس للأدب بمدرسته بلا أجر:
أضاف الشيخ عبد العزيز جاويش فضلا على الفتى وقع من نفسه موقع الماء من ذي الغلة الصادي( صاحب العطش الشديد / العطشان /ج/ صُداة), وهذا الفضل هو أن الشيخ أتاح
للفتى أن يجلس مجلس المعلم الذي له تلاميذ كثيرون, بعد أن حال الأزهر بينه وبين ذلك
وقد أنشأ الشيخ عبد العزيز مدرسة ثانوية كما فعل مصطفى كامل, ولم يكن يفيد الشيخ منها شيء, بل كان ينفق عليها في بعض الأحيان من رزقه ويكلف نفسه شيئا من الحرمان, وكان في كثير من الأحيان يلح على بعض الأغنياء وأوساط الناس أن يعينوه عليها حتى  كان يستكرههم (يجبرهم ×يخيرهم) على ذلك.
أما الفتى فقد عمل فيها مدرسا للأدب بلا أجر فقد كان العمل في المدرسة عملا وطنيا لا أجر لمن يشارك فيه, وأقبل على التعليم فرحا به مبتهجا له, يرى في ذلك شفاء لغيظه من الأزهر ومشاركة في عمل الخير.
هجرة الأستاذ الشيخ عبد العزيز جاويش:
ولم يلبث الشيخ أن انصرف عن كل ذلك وانشغل عنه بالسياسة, ثم اضطر لهجرة مصر فجأة ولم يره الفتى منذ ودعه ليلة سفره إلا بعد سنوات طوال عند عودته, وكان الشيخ قد هاجر على غير علم أهل مصر وعاد أيضا على غير علمهم.
ولكن فضله الأعظم على الفتى هو أنه أخرجه من بيئته المغلقة إلى الحياة العامة وجعل له اسما معروفا بين الناس.
فضل لطفي السيد على الفتى
كان له فضل كبير على الفتى, ففي مكتبه بالجريدة تعرف على كثير من رجال الأدب والصحافة ممن كانوا يلمون (يزرون زيارة طويلة) به, من الشيوخ والشباب, ومنهم رفاق عمل معهم فيما بعد ولقي معهم الخطوب والشدائد, وممن عرفه الفتى عند لطفي لسيد (هيكل ومحمود عزمي ولسيد كامل وكامل البنداري) وأترابا لهم كثيرون.
الفتى وتعريفه ب (نبوية موسى):
لقد عرف بفضل لطفي السيد لونا من المعرفة لم يقدر أنه سيتاح له في يوم من الأيام, وهو لقاء سيدات مصر الرائدات, فقد لقي عنده ذات يوم (نبوية موسى) التي أكثر الناس في الحديث عنها, لا لجمالها الفاتن,ولا لجاذبيتها الخلابة, ولكن تحدث الجميع عنها لطموحها الشديد, فقد كانت أول فتاة تظفر(تحصل) على شهادة الثانوية.
وكان قد عرف النساء في الريف ولقيهن, ولكنه لم يلق منهن القارئة الكاتبة البرزة
(المرأة) التي تجالس الرجال وتحاورهم, فتلجّ (تستمر وتأبى أن تنصرف) وتخاصمهم فتعنف في الخصام, وقد وجد ذلك في تلك الفتاة نبوية موسى.
حفل تكريم خليل مطران:
ذات مساء في إحدى حجرات الجامعة القديمة احتفل بتكريم خليل مطران, فقد أهدى إليه الخديو وساما, وترأس هذا الحفل شقيق الخديو (محمد علي)
وعلم بأن الشعراء سينشدون أشعارهم , وسيخطب الخطباء, فاعتذر لأستاذه في الجامعة عن حضور الدرس وفضل شهود هذا الحفل, قد كان يكره أن يتخلف عن الدروس,ولكنه فضل الحفل.
أثر الحفل على الفتى:
لم يحفل (يهتم) الشاعر بما سمع في هذا الحفل من أشعار, حتى أنه لم يعجبه شعر حافظ إبراهيم في ذلك المقام, رغم أنه شديد الإعجاب بحافظ وأشعاره, حتى وصل الأمر إلى أنه لم تعجبه قصيدة مطران التي أنشدها في الحفل لأنه لم يفهم منها شيء,ولم يذق منها شيئا, وقد شعر بإسراف (تجاوز) مطران في التضاؤل أمام الأمير الذي أهدى إليه الوسام, فجعل نفسه نبته ضئيلة وجعل من الأمير شمسا تمنحها الحياة والقوة والنماء.
صوت مي زيادة:
لم يرض الفتى عن أي شيء في ذلك الحفل إلا صوت واحد فقط, اضطرب له اضطرابا شديدا وأرق له ليلته (امتنع عن النوم) وهو صوت الآنسة (مي زيادة) التي كانت تتحدث في تلك الليلة لجمهور من الناس للمرة الأولى.
كان الصوت نحيلا (هزيلا دقيقا) وكان عذبا رائقا (حلو صافيا), وكان يصل إلى قلبه في خفة فيفعل به الأفاعيل (الأعاجيب /م/ أفعولة).
ولم يفهم الفتى من الحديث الذي يحمله ذلك الصوت شيء,ولم يحاول أن يفهم منه شيء, فقد شغله جمال الصوت عما كان يحمل من أحاديث.
كيف عرف الفتى صاحبة الصوت؟
لم يستطع الفتى أن يمنع الفتى نفسه من الذهاب صباحا إلى مدير الجريدة ليعرف منه صاحبة الصوت العذب الذي سمعه في الحفل.
ودار الحديث مع مدير الجريدة حول أشياء كثيرة حتى وصل إلى حفل مطران, وانتهى من الحفل إلى هذه الفتاة التي تحدثت في الحفل والتي لم يسمع عنها الفتى من قبل, فسأله المدير عما قالت الفتاة فلم يحسن الرد, وإنما لجلج (تردد في الكلام ولم يبين).فأثنى الأستاذ على (مي) وأنبأ (أخبر) الفتى بأنه سيقدمه لها في يوم قريب.
أثر وعد الأستاذ مدير الجريدة على الفتى:
ابتهج الفتى بهذا الوعد ابتهاجا شديدا, ولكنه لم يعرب (يفصح) عن هذا الابتهاج, وظل ينتظر بر (وفاء) أستاذه بوعده, ولكن الأستاذ نسي وعده فاستحى الفتى أن يذكره به, فحمل (أجبر) نفسه على تجنب الأمر, وتجنب ذكرها أو الحديث عنها إلى أستاذه.
حصول الفتى على الدكتوراه, ومقابلة مي:
وبعد أيام وأشهر حصل الفتى على درجة الدكتوراه من الجامعة وكانت في أبي العلاء المعري, وأعطى مدير الجريدة رسالته عن أبي العلاء, فقرأها المدير ورضي عنها, ولكنه لم يردها للفتى وقال له سترد إليك بعد أيام بعد أن تقرأها الآنسة مي التي طلبت أن تقرأها.
أثر ذلك على الفتى:
بدا على الفتى الوجوم (العبوس والسكوت) لما سمع اسم (مي) فلاحظ ذلك الأستاذ فتذكر وعده القديم, وقال له في رفق, أم أعدك بتقديمك إليها؟
فقال الفتى أكاد أذكر ذلك. فقال الأستاذ: فالقني مساء الثلاثاء فنزورها معا.
صالون (مي):
وفي مساء الثلاثاء رأى الفتى نفسه لأول مرة في صالون فتاة تستقبل الرجال حفية (لطيفة رقيقة مرحبة) بهم معاتبة لهم في رشاقة وظرف (كياسة وحذق).
طال لمجلس وكثر الزائرون ودارت أكواب الشاي, والفتى في مكانه لا يشعر بما حوله, فقد ملكه الوهم والوجل (الخوف) وذلك لأنه لم يشهد مثل هذا المجلس قط,ولا يعرف ما يجري فيه من مراسم أو تقاليد, ولذلك أنكر نفسه (جهل) وأنكر من حوله,ولم يكن حوله إلا مي والأستاذ لطفي السيد.
انصراف الزائرين:
ولما بدا الزائرون في الانصراف رغب فيه (أراده) الفتى رغبة في التخلص من حرجه, ولكنه في ذات الوقت أشفق من الانصراف (خاف وحذر) حرصا على صوت مي وحديثها, كما انه لم يحاول الانصراف لأن الأستاذ لم يؤذنه بذلك (يُخْبره ويُعْلمه).
رأي الآنسة مي في رسالة الفتى:
لم يبق في الصالون إلا الأستاذ لطفي السيد ومي والفتى, وتحدثت الآنسة مي في بعض الحديث مع الأستاذ, ثم أثنت (مدحت) على رسالة الفتى في أبي العلاء المعري, وبالغت في الثناء حتى استحيا الفتى ولم يحسن شكرها.
ثم طلب الأستاذ من مي أن تقرأ مقالها, فترددت في بداية الأمر ثم قرأته على الأستاذ لأنه هو الذي يعلمها العربية والكتابة, فقال الفتى في صوت مخنوق ولفظ مجمجم (غير واضح) كما يعلمني, فقالت مي إذن فنحن زميلان.
ثم قرأت المقال الذي كان عنوانه (كنت في ذلك المساء هلالا)
وسُحر الفتى بمقالها ورضي عنه أستاذها, وانصرفا وهو يحمل في نفسه الكثير والكثير من صوت الفتاة ومما قرأته.
مناقشة الفصيح
حدد أى العبارات الآتية (صواب) أم (خطأ):
1- قدم عبد العزيز جاويش الفتى للجماهير فى الاحتفال بالمولد النبوى.           
2- شهدت مجلة الهداية جدلا عنيفا بين الفتى والإمام محمد عبده.        
3- أنشأ عبد العزيز جاويش مدرسة ثانوية حبا فى الوطن.      
4- كان لعبد العزيز جاويش الفضل فى خروج الفتى إلى الحياة العامة.          
5- قام عبد العزيز جاويش بتعريف الفتى برجال الصحافة أمثال هيكل والبندارى ومحمود عزمى.       6- لم يحضر الفتى حفل تكريم خليل مطران لسفره المفاجئ.  
7- نال الفتى درجة الدكتوراه عن رسالته عن أبى العلاء المعرى.        
8- لم يعجب الفتى بنبوية موسى لأنها تختلف عن فتيات الريف.         
9- أعجب الفتى بصوت مى ولم يعجب بشعر حافظ إبراهيم.     
10- وعد لطفى السيد الفتى بتقديمه لنبوية موسى.       
س: "وفى مساء الثلاثاء رأى الفتى نفسه لأول مرة فى صالون فتاة تستقبل الزائرين من الرجال حفية بهم".   مرادف "حفية": (لطيفة - سعيدة – شاكرة)
الفتاة المقصودة هى: (مى زيادة - نبوية موسى - سارة )
س: "لم يرض الفتى عن شىء مما سمع إلا صوتا واحدًا سمعه فاضطرب له اضطرابا شديدا وأرق له ليلته تلك . كان الصوت نحيلا ضئيلا وكان عذبا رائقا". 
( أ ) ما مرادف "نحيلا"؟ وما مضاد "رائقا"؟       
(ب) من صاحبة الصوت الوارد فى الفقرة السابقة؟        
(جـ) لماذا لم يفهم الفتى من حديث صاحبة الصوت العذب شيئاً؟        
س: "وطال المجلس وكثر الزائرين، ودارت أكواب الشاى والفتى فى مكانه لا يكاد يحس من ذلك شيئاً قد ملك الوهم والوجل عليه أمره كله".
( أ ) هات جمع المجلس ـ ومرادف الوجل.    
(ب) من صاحبة هذا المجلس؟  
(جـ) لماذا لم يشارك الفتى فى الأحاديث التى كانت تدور فى هذا المجلس؟      
س: "وآثر شهود ذلك الحفل ، وفيه سمع كثيرا من الشعر وكثيرا من الخطب فلم يحفل بشىء مما سمع. لم يعجبه شعر حافظ فى ذلك المقام.
 ( أ ) ما مرادف "آثر" ومفرد "الخطب".         
 (ب) ما الدليل على إيثار الفتى شهود ذلك الحفل؟       
(جـ) لماذا لم يعجب الفتى بقصيدة مطران فى هذا الحفل؟       
س: "ولم يرع الفتى إلا أن سمع اسمه يعلن إلى الناس ورأى نفسه مدعى إلى إنشاء قصيدته العصماء ، فلبث فى مكانه جامداً واجماً لا يدى ماذا يصنع، ولا يعرف كيف يقول ، وأقبل من أخذ بيده وهم الفتى أن يمتنع حياء وخجلاً".
( أ ) هات جمع "عصماء" ومرادف "واجماً".     
 (ب) ما موضوع القصيدة العصماء؟ ومن الذى دفع بصاحبها إلى إلقائها.         
(جـ) أين أقيم الاحتفال؟ وما أثر قصيدة الفتى على الحاضرين؟


3- أساتذتي
الأساتذة المصريون:
لقد كانت حياة الفتى في الجامعة عيدا متصلا, وليس ذلك بسبب الأساتذة الأجانب فحسب (فقط), بل كان فيها من الأساتذة المصريين الكثير ممن أضاف إلهيا روعة وإشراق في نفس الفتى.
ولم يستطع الفتى أن ينسى طائفة (مجموعة) من هؤلاء الأساتذة, لأنهم أثروا في حياته تأثيرا كبيرا, فقد جددوا علمه بالحياة وشعوره بها وفهمه لقديمها وجديدها, كما غيروا نظرته إلى المستقبل, وأتاحوا لشخصيته المصرية العربية أن تقوى وتثبت أمام علم المستشرقين (علماء غربيون تخصصوا في دراسة أدب الشرق وعاداته) الأجانب.
كيف كان علم الأجانب في نفس الفتى؟ وكيف واجه؟
لقد كان العلم الذي أتى به المستشرقون جديرا أن يحول الفتى تحويلا خطيرا يفني حياته في دراسة العلوم الأوربية.
ولكن الأساتذة المصريين أتاحوا له أن يلجأ إلى ركن قوي من الثقافة العربية التي عملت على اعتدال فكره, فقد أتاح الأساتذة المصريون له أن يجمع بين علم الشرق والغرب في اعتدال ووسطية دون انحياز لجانب دون الآخر.
تفاوت الأساتذة المصريين:
لقد تفاوت الأساتذة المصريون تفاوتا شديدا,. فمنهم المطربشون ومنهم المعممون, ومنهم من سبقت العمامة إلى رأسه ثم انحسرت (سقطت وزالت) وحل محلها الطربوش.
وكذلك اختلفوا في مزاجهم, فمنهم الحازم الصارم (الشجاع / الضابط للأمر) الذي لم يعرف ثغره الابتسامة إلا قليلا, ومنهم المازح (الضاحك) الباسم الذي لم يعرف وجهه العبوس (الجهم والشدة) إلا نادرا (قليلا).
وكذلك اختلفوا في العلم, فمنهم العالم المتعمق في علمه الذي يبهر (يدهش ويعجب) ويسحر ويزكي القلوب والعقول (ينمي ويُصلح), ومنهم أيضا ذو العلم الضحل (القليل /ج/ أضحال) والثقافة الرقيقة, الذي يخلب(يخدع) باللفظ الذي ليس وراءه شيء ذو بال (أهمية و قيمة), وكذلك كان منهم من يخلب باللفظ العذب والدعابة الساحرة والعمل الغزير.
نماذج لأساتذة الفتى في الجامعة:
إسماعيل رأفت – رحمه الله- :
لم يكن يعرف من طلابه إلا أنهم يحملون رءوسا يجب أن يصب فيها علم صبا, فكان يقبل عليهم عابسا (متجهما غاضبا) وينصرف عابسا, يقبل على درسه ويبسط أوراقه ويأخذ في القراءة حتى تنتهي ساعة الدرس, لا يقطع قراءته إلا تفسير ما يحتاج لتفسير, وأيضا عندما كان يلقي عليهم هذا السؤال الذي تعود أن يلقيه في دار العلوم – وكان أستاذا فيها- فاهمين يا مشايخ؟
ماذا تعلم الفتى من إسماعيل رأفت:
كان إسماعيل رأفت يلقى درس الجغرافيا, وسمع منه الفتى وصف إفريقيا على اختلاف أقطارها, سمع منه وصفها بأكثر من صورة, منها ما يتعلق بطبيعة الإقليم, ومنها ما يتصل بالسياسة والاقتصاد ونظم الحياة الاجتماعية أجناس السكان.
تفوق إسماعيل رأفت على أساتذة فرنسا:
وقد سمع الفتى في فرنسا بعد ذلك دروسا مختلفة في الجغرافيا من أساتذة ممتازين في جامعات فرنسا, ولكنه لم يجد لأحدهم فضلا على أستاذه المصري العظيم إسماعيل رأفت.
حفني ناصف – رحمه الله- :
كان مبتسما دائما وفكاهي ومتواضعا أشد التواضع, وكان يتميز بالعلم الغزير (كثير) وأصالة في الفقه (شدة إحكام / الفهم والتدبر) وذلك لما كان يدرس من الأدب القديم.
أثر علم وابتسام حفني ناصف على الطلاب:
لقد كان يكلف به الطلاب أشد كلف (الحب والتعلق), ويطمعون فيه طمعا عظيما, حتى أن بعضهم كان في بعض الأحيان ينصرف عن دروسه ليجلس معه في قهوة (كوبري قصر النيل) التي كان يجلس فيها ساعة قبل الدرس يوم الخميس من كل أسبوع.
كما كانوا يرفضون أن يختم دروسه آخر العام دون ان يزيدهم على المقرر درسين أو أكثر, وكانوا يختارون الفتى ليتحدث إليه عنهم, فكان الفتى لسانهم الذي يطلب منه دوسا إضافية نثرا حينا وشعرا حينا آخر, ومستعطفين مرة ومنذرين مرة أخرى.


ابتزاز الفتى لحفني ناصف:
شرح حفني ناصف وهو طالب في الأزهر كتاب (الكافي في العروض) وكان يخجل من ذلك الشرح ويكره أن ينسبه أحد إليه, فكان الفتى يقسم آخر العام إن لم يزدهم على المقرر دروسا لينسبن إليه (شرح الكافي في العروض) في أحد مقالاته في الجريدة, فكان يستجيب ويضيف درسين وربما أضاف أربعة دروس.
تواضع حفني ناصف:
أعجب الفتى بكثير من خصال وصفات حفني ناصف, ولكن أشد ما أعجبه فيه هو تواضعه الشديد, وعدم تكلفه الوقار (الهيبة والرزانة) المصنوع الذي يتكلفه بعض الأساتذة حين يرقون (يصعدون) إلى مجالسهم في غرفة الدرس, فقد كان يخلط نفس بطلابه كأنه واحد منهم لولا أنه يكبرهم سنا.
مسابقة شعرية يحكمها الفتى وأستاذه حفني ناصف:
في أحد الأيام قرأ افتى في الجريدة حديثا لأحد القراء يطرح فيه موضوعا لمسابقة شعرية, وجعل جائزة هذه المسابقة كتاب "الأملي" لأبي علي القالي, ويحكم في تلك المسابقة الأستاذ حفني ناصف وتميذه الفتى. أنكر (رفض وعاب) الفتى أن يقرن (يجمع مع) إلى أستاذه, وأحس ببعض الغرور.
الأستاذ يجبره على الاشتراك في التحكيم:
وفي إحدى الليالي جلس الفتى مع بعض رفقائه في بيته (بدرب الجماميز) يحدثون حتى تقدم بهم الليل, وأثناء ذلك طرق الأستاذ حفني ناصف الباب, فوجم (سكت عجزا) الفتى ودهش الرفاق. (وكان الفتى يعيش في الطبقة السادسة)
فقد جمع الأستاذ شعر المستبقين (المتسابقين /م/ مستبق) وجاء للفتى في ذلك الوقت ليخلو به ساعة ليفرغ من قضية المسابقة.
الشيخ محمد الخضيري – رحمه الله - :
كان مدرس التاريخ الإسلامي, وقد سحر الفتى بعذوبة صوته,و حسن إلقائه وصفاء لهجته,وأحب الفتى دروسه في السيرة وتاريخ الخلفاء الراشدين وفتوحهم, وأحب دروسه في تاريخ الفتن ودولة بني أمية والصدر الأول من دولة العباسيين.

مناقشة الفصيح
حدد أى العبارات الآتية (صواب) أم (خطأ):
1- أتاح الأساتذة المصريون لشخصية الفتى المصرية العربية أن تثبت أمام العلم الأوربى.       
2- كان إسماعيل رأفت يقبل على طلابه مبتسما وينصرف مبتسماً.      
3- كان حفنى ناصف يدرس الأدب العربى القديم.        
4- اشتهر محمد الخضرى بتواضعه.   
5- كان إسماعيل رأفت يختلط بطلابه اختلاطاً شديداً.   
6- تزعزعت شخصية الكاتب المصرية العربية أمام علم المستشرقين.           
7- كان الأساتذة المصريون يختلفون فيما بينهم اختلافاً شديداً.   
8- من أسئلة إسماعيل رأفت التى عرف بها "فاهمين يا مشايخ؟".       
تخير الإجابة الصحيحة لما يلى:
- كان إسماعيل رأفت يدرس مادة: (الجغرافيا - التاريخ  - الأدب )    
- كان حفنى ناصف يخجل من شرحه كتاب:
(الكافى فى العروض - ألفية بن مالك  - الحماسة)       
- يرجع الفضل فى حب الفتى لدروس التاريخ إلى:
(إسماعيل رأفت  حفنى ناصف  محمد الخضري) 
- تميز حفنى ناصف بـ : (تواضعه  - عبوسه - خجله )    
س: "وكان أروع صورة عرفها الفتى لتواضع الأستاذ أنه لم تكلف قط ذلك الوقار المصنوع الذى يتكلفه بعض الأساتذة حين يرقون إلى مجلسهم فى غرفة الدرس".
 ( أ ) هات معنى "الوقار" ومضاد "التواضع".     
(ب) من الأستاذ الذى تتحدث عنه العبارة؟        
(جـ) ما أثر تواضع الأستاذ على طلابه؟        
س: "وكان الأساتذة المصريون يختلفون فيما بينهم اختلافاً شديداً كان منهم المطربشون والمعممون والذين سبقت العمامة إلى رءوسهم ثم انحسرت عنها وجاء مكانها الطربوش". 
( أ ) ما مرادف "انحسرت" وما مضاد "يختلفون".        
(ب) ما مظاهر اختلاف الأساتذة المصريين فيما بينهم؟           
(جـ) ما فضل الأساتذة المصريين على الفتى؟  
س: "وكان الطلاب يأبون عليه أن يختم دروسه فى أخر العام دون أن يزيدهم على المقرر درسين أو دروسا وكان الفتى لسانهم حين كانوا يرغبون إليه فى ذلك وكان الفتى يطلب إليه المزيد من الدرس نثرا حينا وشعرا حينا مستعطفا مرة ومنذراً مرة أخرى".
 ( أ ) ما مرادف "يأبون"؟ وما جمع "لسان"؟       
(ب) من الأستاذ المتحدث عنه؟ وبم تميز عن غيره من الأساتذة؟ 
 (جـ) بم كان الفتى ينذر الأستاذ؟       
               
       
       
                       



1      2
         



4- كيف تعلمت الفرنسية؟
بداية تعلم الفرنسية:
كان أول عهد الفتى بدراسة اللغة الفرنسية أن بعض صديقه (للجمع والمفرد) حدثه عن مدرسة مسائية أنشئت قريبة من الأزهر تعلم اللغة الفرنسية لمن أراد من للمجاورين, وعلم الفتى أن للشيخ عبد العزيز جاويش يد في نشأتها ولكنه لم يتحقق من ذلك, ولكنه ذهب الفتى مع من ذهب.
الدرس الأول:
ألقى الدرس الأول كهلا (مابين 30 إلى 50 /ج/ كهول كهلان كُهّل) يحسن أن يلوي لسانه بالحروف,ولكن رغم أعجاب الفتى الشديد به إلا أنه لم يفهم شيئا وذلك أن الأستاذ كان ينطق الحروف ويرسمها على اللوحة, فيراها الطلاب وينطقونها وينقلونها في أوراقهم, أما هو فلم ينطق بها ولم يرها مرسومه, وكان يطلب من الطلاب حوله أن ينطقوها, ولم يطلب منه ذلك.
اثر ذلك على الفتى:
شعر الفتى بالضيق الشديد وظل واجما (ساكنا) ثم تفرق الطلاب وهم 0عزم) أن ينصرف ولكن الأستاذ وضع يده على كتف الفتى وطلب منه الانتظار قليلا, ولما خلا به, قال له ليس لك أرب (حاجة أو هدف) من دراسة هذه اللغة ولكني أرى حرصك على ذلك, فأحب أن أعينك عليها, فإن أردت فالقنى في قهوة كوبري قصر النيل لنتحدث في ذلك.
صلة قديمة بين الأستاذ والفتى:
ضرب (حدد وعين) الأستاذ للفتى موعدا, ولما ذهب الفتى وتحدث مع أستاذه علم أن هناك صلة قديمة بينهما, فقد كان أبو الأستاذ قاضيا شرعيا في مدينة الفتى التي نشأ فيها, وكان الفتى يقرأ عليه ألفية ابن مالك في النحو كل ضحا بابا من أبوابها.
واتصلت المودة بين الفتى والأستاذ, ولكن دروس الأستاذ لم تغن عن الفتى شيئا (لم تكفي) , فقد كان الأستاذ محبا لكثير من الشعراء والكتاب الفرنسيين, وكان إذا خلا إلى الفتى قرأ عليه بعض من آثارهم وترجم له بعض ما يقرأ.

أثر دروس الأستاذ على  الفتى:
ازداد شوق الفتى لدراسة الفرنسية لروعة ما كان يسمعه عن شعرائها من أستاذه, فقد كانت أسماؤهم تسحره وتبهره وتملك, فقد سمع أسماء غريبة مثل (لامارتن – ألفريد دي فنيي – ألفريد دي فني – شاتوبريان), ومع غربة هذه الأسماء كان كلامهم الذي يترجمه الأستاذ أكثر غرابة.
اثر سماع الفتى أسماء وآثار الشعراء والفرنسيين:
لقد كانت هذه الأسماء الغريبة والآثار العجيبة عنهم تنسيه الأدب العربي والشعر القديم خاصة, ويدفعه الإعجاب إلى عالم آخر مجهول يهيم (يزداد حبا) للاضطراب فيه(التحرك)
الأستاذ النظامي:
اضطر الفتى لأن يبحث عن معلم آخر يعمله أساسيات هذه اللغة تعليما منظما, وأقبل على ذلك دروس المعلم النظامي من الساعة الثانية إلى منتصف الخامسة, ومع ذلك أبقى المودة مع الأستاذ الكهل, فكان يقابله مرتين في الأسبوع مساء يسمع منه نثرا وشعرا مع بعض المعاني.
تعلم الفرنسية متعة ومشقة:
بدأ الفتى يلتمس معلم آخر وآخر وينتقل من معلم لمعلم, ويجد في ذلك التنقل متعة وروعة لما يتعلمه على أيديهم, ولما فيهم من خصائص واختلاف حالاتهم وأساليبهم, ولكنه في ذات الوقت يجد مشقة بالغة فيما يدفعه ليتعلم هذه اللغة.
الصديق القديم يعلمه مقابل النحو والصرف:
في أحد الأيام في الجامعة لقى الفتى صديق قديم كان قد ظفر بشهادة الثانوية من (مدرسة الفرير) فكان متقنا للفرنسية, وبمجرد أن تحدث الفتى مع هذا الفتى حتى تذكر كل صباه , قد كان الفتى ابن ملاحظ الطريق الزراعي في القرية, وكان يذهب مع أخيه إلى الكتاب الذي حفظ فيه الفتى القرآن.
وعقد الفتى مع صديقه (محمد سليمان -رحمه الله-) مقايضة وهي أن يعلمه الفرنسية التي يتقنها على أن يعلمه الفتى بعض قواعد النحو والصرف.
وبفضله تعلم الفتى اللغة كما تعلمها صديقه (محمد سليمان) في المدرسة, فقد قرأ معه الكتب الأولى, ثم تدرج من كتاب لآخر حتى أصبح الفتى في ذات يوم يقرأ مع صديقه قصة (كانديد لفولتير) فيتعثر في فهمها تعثرا شديدا متصلا فيفهم شيئا ويجهل أشياء, كما رأى نفسه يختلف لدروس الأدب الفرنسي فيفهم أشياء وتفوته أشياء.
وظل الرفيق (محمد سليمان) يعينه على ما يفوته والأستاذ الكهل يعطف ويرفق به, حتى شعر بأنه أصبح قادر على أن يتقن هذه اللغة أن سارت أموره كما يحب, وكان لابد أن يتقنها.
الجامعة وسيلة لا غاية:
ومنذ ذلك الوقت أصبحت الجامعة بالقياس له (بالنسبة له) وسلة (ما يتقرب به) لا غاية, فقد ألقى الشيخ عبد العزيز جاويش في روع ( العقل والقلب والبال) الفتى فكرة السفر إلى أوربا, وبخاصة فرنسا, فأصبحت هذه الفكرة لا تفارق خياله, بل مازجت (خالطت) أصبحت جزء من حياته حتى أصبح يتحدث بها كما يتحدث من صحت عزيمته (قويت أرادته) على فعل أمر ما بعد أن تهيأت له أسبابه.
حلم السفر لأوربا مزاح الأخوات:
كان الفتى إذا أقبل الصيف تحدث لإخوته وأخواته عن قرب سفره لأوربا, ويغيظ أخواته بأنه سيعيش في أوربا أعواما ثم يختار لنفسه زوجا فرنسية متعلمة مثقفة تحيا حياة ممتازة, ولن تكون مثلهن جاهلة غافلة ولا غارقة في الحياة الغليظة.
فكن يضحكن منه ومن حديثه وربما أضحكن أمه وأباه معهن, فكان يرد على ذلك بقوله (أضحكن اليوم وسترين غدا)
إعلان الجامعة عن بعثة أوربا:
في أحد الأيام قرأ صاحبنا في أحدى الجرائد إعلانا للجامعة تدعوا فيه الطلاب للاستباق إلى بعثتين من بعثاتها في فرنسا, إحداهما في درس (تعلم ودراسة) التاريخ, والأخرى لدرس الجغرافيا.


أثر هذا الإعلان على الفتى :
ما إن قرأ الفتى هذا الإعلان حتى استقر في نفسه أنه صاحب إحدى هاتين البعثتين, وأنه سيدرس التاريخ في جامعة السوربون,وأسرع فكتب كتابا إلى رئيس الجامعة الأمير (أحمد فؤاد) وكتب فيه:
دولتلو أفندم (تعبير تركي للتعظيم) أرفع دولتكم وإلى مجلس إدارة الجامعة أني قرأت أنها سترسل طالبين إلى وأوربا  لدرس التاريخ وتقويم البلدان (تعيين مواقعها وبيان ظواهرها - الجغرافيا), وبين شدة حرصه على هذه البعثة ورغبته في أن يكون صاحب بعثة التاريخ.
وبين أسبابه التي هي:
أن الجامعة تختار مبعوثيها على أساس الكفاءة الحقيقية, وهو يرى في نفسه كفئا (قادر على تصريف العمل /ج/أكفاء) وذلك بما علمته الجامعة من علوم نافعة وأدب مفيد.
شروط البعثة:
وبين الفتى أنه لا تنطبق عليه كل شروط البعثة, ومن ذلك أنه لم يحصل على الشهادة الثانوية, كما أنه مكفوف البصر, ورد على هذين الشرطين
شرط الثانوية العامة:
بين أنه على الرغم من عدم حصوله على الثانوية العامة 
ورد على ذلك بأن العلوم التي تلقاها في الجامعة وما أداه من امتحانات في الجامعة نال في أغلبها الدرجة العظمى إلا في الآداب الأجنبية ورضا الإدارة عن تفوقه ورضا أساتذته عليه حاضر وغائب يقوم مقام الشهادة الثانوية ويزيد عليها بلا شك.
وبين كذلك أنه شارع (بادئ) في تعلم الفرنسية ووصل فيها لقدر يمكنه من دخول الجامعة بعد أشهر قليلة يقضيها في فرنسا.
وبين أنه أتم (أنهى) درس تاريخ الشرق القديم وحصل فيه على الدرجة العظمى, وأتم درس تاريخ الإسلام وحصل فيه على أعظم درجة نالها طالب في الجامعة ولم يفصل بينه وبين النهاية إلا درجة واحدة, وكذلك أتم درس اللغات القديمة السامية ونال فيه الدرجة العظمى.
وبين أن هذه الدرجات تعد مزية (فضيلة) له لم تجتمع لأحد من طلاب الجامعة المصرية, مما يجعله أفضل من يبعث لدرس التاريخ.
شرط كف البصر:
ورد عليه بأنها بلية ابتلاه الله بها ولكن ذلك لا يمنعه أن يسمع العلم ويؤديه, أي يكون طالب وأستاذ, وأظهر انه يرى ان المجلس أعظم من أن يتخذ من تلك البلية سببا يحول بينه وبين البعثة.
اعتراف الفتى :
واعترف الفتى بأن الجامعة إذا ما وافقت على إرساله فستتحمل زيادة في النفقات لحاكته لمن يعينه في فرنسا لأنه مكفوف, ولكنه بين أن ذلك لا يضر الجامعة في شيء, بل هو دليل كرم النفس والتضحية لمساعدة من يحتاج المساعدة.
وبين أنه مستعد على أن يدفع كل ما تنفقه الجامعة عليه وزيادة بعد عودته, على أن تخصم ذلك من مرتبه أقساطا كل شهر, وبين أنه يظن فيهم خيرا وأنهم لن يبخلوا عليه بهذا القرض الجميل (السلف)
رد الجامعة:
عُرض كتاب صاحبنا على مجلس الإدارة الذي رفضه, لأن صاحبنا لا يحمل شهادة الثانوية بحكم آفته (العمى) ولان إرساله يكلف الجامعة نفقات إضافية لتعين له رفيق يعينه على الاختلاف إلى الجامعة وقراءة ما يحتاج من كتب.
كتاب الفتى الثاني للجامعة:
لم يفل (يكسر ويضعف) هذا الرفض من عزيمة الفتى, ولم يثبط (يضعف ويعوق) بل زاده إصرارا على ما يرد, وأرسل بكتابه الثاني للجامعة:
بين فيه انه أرسل للجامعة يطلب الإذن له بأن يكون أحد مبعوثيها إلى فرنسا, وأن المجلس رفض في جلسته الأخيرة لعدم تطابق قوانين الإرسالية,  وبين أنه يعرف جيدا قبل أن يرسل بطلبه الأول أنه يخالف قانون الإرسالية.
ولكنه بين انه طلب الاستثناء لما بينه من حرصه الشديد على العلم وخدمة الجامعة, ولما اكتسبه من مميزات تؤهله (تجعله يستحق) بلوغ هذه المنزلة.
وكذلك بين أنه لا ينكر رفض مجلس إدارة الجامعة لطلبه لأنه ينفذ القانون, وطلب منهم أن يعيدوا النظر في طلبه, فهم رفضوا طلبه لأحد أمرين أو لأمرين مجتمعين وهما:
السبب الأول: عدم حمله للشهادة الثانوية:
و سبب أنه مكفوف البصر, وبين أنه يعظم المجلس ويترفع به أن يحسب لذلك حسبانا, رغم انه يقبله في الجامعة طالبا منتسبا, ويحضر دروسها ويجتاز امتحاناتها.
فإذا كانت هذه هي طبيعته فلا يجب أن يعين لمجلس الطبيعة على حب الفتى للعلم, الجامعة تعلم أنه قادر على هذه المهمة.
السبب الثاني: زيادة النفقات:
وهو أن الجامعة إذا أرسلته فسوف تضطر إلى دفع نفقات أكثر لحاجته لمرافق, وهو ير في نفسه أنه ليس أهل لأن تقدر الجامعة خدماته بهذا المبلغ الكبير لأنها لا تجده.
ولذلك فقد عرض الفتى ألا يحصل في البعثة إلا على القدر المخصص لكل طالب يرسل للدراسة, على أن يتكفل هو بما يزيد على ذلك.
ورجا أن يتشرف بقبول المجلس طلبه ليتعلم العلم, وبين لهم أن خروجه من مصر فيه من المشقة والعناء الكثير, ولكنه محب للعلم ولذلك فهو يتحمل أي مشقة.
رد الجامعة على الكتاب الثاني:
رفضت الجامعة للمرة الثانية طلب الفتى وحددت سبب ذلك عدم معرفة الفتى للغة الفرنسية حق المعرفة, ولأن المجلس أراد أن يهون على الفتى هذا الأمر فقد صاغ الرفض في صيغة التأجيل حتى يتقن الفتى اللغة الفرنسية.
وقد ظن المجلس أن الفتى لن يجد لإجادة اللغة سبيلا, ويحول بينه وبين ذلك آفته, وفقره الشديد, ولكن الفتى خيب ظنهم فقد زاد إصراره وتصميمه,
الكتاب الثالث:
أرسل إليهم بعد شهور كتابه الثالث, والذي بين فيه رغبته في السفر لدراسة العلوم الفلسفية والتاريخ, وأن مجلس الجامعة قد رفض طلبه في العام الماضي وأجل ذلك لهذه السنة, حتى يقوى الفتى في اللغة الفرنسية
وبين في كتابه أنه قد وصل في إجادة هذه اللغة إلى درجة لا بأس بها , وبين كذلك أنه سيمتحن شهادة العالمية في قسم الآداب هذه السنة.
رد الجامعة:
لم تجد الجامعة إلا أن تؤجل النظر في طلب الفتى حتى يحصل على شهادة العالمية (الدكتوراه) وهو ما يشبه التحدي للفتى.
أثر رد الجامعة على الفتى:
قبل الفتى هذا التحدي, وأقبل على الدرس وإعداد الرسالة للامتحان وتقدم للامتحان وظفر بإجازة الدكتوراه.
مناقشة الفصيح
تخير الإجابة الصحيحة لما يلى:
 1- لم يفهم الفتى الدرس الأول فى اللغة الفرنسية بسبب:
عدم رؤية الحروف  - عدم سماعة صوت الأستاذ - انشغاله بمن حوله          
2- كان أول عهد الفتى بدرس اللغة الفرنسية فى:
القاهرة  - باريس  - قريته      
3- كانت الجامعة تشترط فى طلبة الإرساليات:
الحصول على الشهادة الثانوية  - تحمل النفقة مع الجامعة  - الحصول على الدكتوراة  
4- أصبحت الجامعة وسيلة لا غاية بالنسبة للفتى بعد:
حصوله على الثانوية  - حصوله على العالمية  - حصوله على الثانوية         
حدد أى العبارات الآتية (صواب) أم (خطأ):
1- وجد الكاتب صعوبة فى تعلم اللغة الفرنسية.          
2- "ليس لك أرب فى حضور هذه الدروس ولكن أرى فيك حرصًا على تعلم هذه اللغة". قائل هذه العبارة (محمود سليمان).           
3- كان للأستاذ الكهل الفضل فى تعريف الفتى بكتاب فرنسا وشعرائها.          
4- كان الفتى يجد متاعا فى الانتقال من معلم إلى معلم آخر.     
5- كانت الجامعة تشترط فى طلبة الإرساليات الحصول على الدكتوراه.         
س: "كان أول عهد الفتى بدرس اللغة الفرنسية أن حدثه بعض صديقه من الأزهريين بأن مدرسة مسائية أنشئت فى مكان قريب من الأزهر تدرس فيها هذه اللغة لمن يريد أن يتعلمها من المجاورين".
( أ ) هات مضاد "أول" ، ومعنى "المجاورين".  
(ب) لماذا لم يفهم الفتى الدرس الأول فى اللغة الفرنسية من الأستاذ الكهل؟      
(جـ) ماذا يحدث لو لم يتعلم الفتى اللغة الفرنسية؟     
س: "ومنذ ذلك الوقت أصبحت الجامعة بالقياس إليه وسيلة بعد أن كانت غاية ، فقد ألقى الشيخ (عبد العزيز جاويش) فى روعه فكرة السفر إلى أوروبا وإلى فرنسا خاصة". 
( أ ) ما معنى "روعه" ؟ وما جمع "فكره"؟        
(ب) متى أصبحت الجامعة بالنسبة إلى الفتى وسيلة لا غاية؟     
(جـ) من الذى أوعز إلى الفتى بفكرة السفر إلى فرنسا؟         
س: "وأراد المجلس أن يهون هذا الرفض على الفتى فصاغه فى صيغة التأجيل حتى يحسن هذه اللغة مطمئنا إلى أنه لن يجد إلى إحسانها سبيلاً تحول بينه وبين ذلك آفته تلك ، ويعينها على ذلك فقر الفتى وإصفار يديه من المال".
( أ ) ما مرادف "يهون"؟ وما مضاد "التأجيل"؟  
(ب) كيف هونت الجامعة على الفتى رفضها لطلبه للمرة الثانية؟          
(جـ) ما موقف الفتى من رفض الجامعة طلبه؟




5- الفتى في فرنسا
استقبل الفتى الحياة في مدينة (مونبيليه) بفرنسا راضيا سعيدا إلى أقصى ما بلغه السعادة والرضا, وذلك أنه حقق أملا لم يكن يقدر أنه سيحققه في يوم من الأيام.
مقارنة الفتى بين حياتيه في القاهرة ومونبيليه:
السعادة البالغة التي شعر بها الفتى جعلته يقارن بين حياته في فرنسا, وصباه البائس (الشقي) في القاهرة والأزهر, فوجد اختلافا كبيرا بين الحياتين من كل الأوجه العلمية والمادية والمعوية.
الحياة المادية:
أولا في الأزهر:
كانت حياته في الأزهر عسيرة (شديدة صعبة) فقيرة, تعتمد على العسل الأسود صباحا ومساء , حتى أنه إذا حاول التغيير لم يجد أمامه إلا طعام الأزهر الغليظ الذي يعيش عليه الأزهريون, وإذا حاول أن يتفكه (يمتع نفسه بطعام حلو) لم يجد أمامه إلا البليلة أو التين الغارق في الماء.
في مونبيليه:
اختلفت الحياة في مونبيليه تماما عن الحياة في القاهرة, فقد كانت تعرض عليه في الغداء والعشاء ألوان وأنواع الطعام المترف (الناعم النضر) بلا تضييق ولا تقتير حتى أن الخدم وأصحاب الفندق كانوا يلحون عليه (يكررون الطلب مرة بعد مرة) ليصيب (يأخذ) من الطعام أكثر مما أصاب.
أثر تنوع الطعام في مونبيليه:
فلم يشعر الفتى بجوع ولا حرمان, وذلك أن الفطور الذي يحمل إليه في الصباح ناعما ليا لا خشونة فيه ولا غلظة, وأما في وسط النهار وآخره, فقد كانت تعرض عليه ألوان الطعام المختلفة والتي كانت تذكره بطعام القاهرة المتشبه فيقارن بين الحياتين, فيجد أن حياة مونبيليه ناعمة وحياة القاهرة غليظة خشنة.


الحياة العقلية (العليمة – المعنوية)
في القاهرة:
كانت حياة الأزهر المعنوية (العقلية)  في القاهرة مجدبة (ليس فيها نفع) فقيرة, ومتشابهة ومملة, مما جعله مضيعا (مشتتا) بين فقر الحياة المادية وفقر الحياة المعنوية.
في مونبيليه:
كانت الحياة المعنوية العليمة فيها متجددة باستمرار, فقد كان يذهب إلى الجامعة ليسمع دروس الآداب والتاريخ واللغة الفرنسية, ولا يسمع درسا إلا أحس انه قد علم لما لم يكن يعلم وأضاف لعلمه القديم علما جديدا قيما, حتى أنه لم يجد مشقة في فهم دروسه رغم أن حظه من الفرنسية كان قليل.
هل وجد الفتى مشقة في فهم دروسه بسبب ضعف لغته الفرنسية؟
لم يجد الفتى مشقة كبرى في فيهم دروسه التي تلقى عليه بالفرنسية على الرغم من قلة حظه من اللغة الفرنسية, وذلك أنه كان يلم (يجمع ويفهم) ما يغنيه (يكفيه) ويرضيه.
أثر هذه الموازنة على نفس الفتى:
كان الفتى يشعر بعد هذه الموازنة أنه أعظم الناس حظا من النُّجْح (النجاح والتفوق), لما رآه من فارق عظيم بين الحياتين وبني حاله في الأزهر وحاله في مونبيليه.
مرتب الفتى الضئيل:
لم يكن الفتى ميسر عليه (موسعا عليه) في الرزق فقد كان عليه أن يدبر مرتبه الضئيل الذي لم يتجاوز (اثني عشر جنيها) لينفق منه على نفسه وعلى أخيه, وقد نجح في ذلك في غير تكلف ولا عناء (تعب وشقاء) وذلك لأن الحياة في فرنسا في ذلك الوقت كانت هنيئة (ميسرة وسارة) بحيث تتيح لفتيين أجنبيين مثله وأخيه أن يعيشا بهذا المرتب الضئيل عيشة راضية إذا ما قاسها بقسوة الحياة في مصر وشظفها (شدتها وضيقها).
هدف الفتى من هذه البعثة وسبيله لتحقيق ذلك:
لم يلبث الفتى أن أدرك أنه لم يعبر البحار ليعيش مترفا متنقلا بين الفندق والجامعة, بل أتى إلى هذه البلاد ليدرس ويحصل ويجوز (يتعدى) الامتحان ويظفر بالدرجات الجامعية التي لم ينهلها أحد من المصريين من قبل وهي درجة الليسانس.
ولم يجد الفتى سبيلا للحصول على هذه الدرجة إلا أن يتقن لغة الدرس وهي اللغة الفرنسية, وقد أخذ منها بحظ يسير, ولغة أخرى قديمة سمع عنها ولم يحققها (يتقنها ويحكمها) وهي اللغة اللاتينية التي لابد من إتقانها لتحصيل العلم بها.
عاهة الفتى التي تعوق تقدمه:
عمل الفتى على إتقان الفرنسية, وتعلم اللاتينية, ولكنه التمس (طلب) معلما خاصا يساعده على ذلك, فبحث له أصدقاؤه عن معلم يناسبه, فلم يجدوا إلا أنه يجب عليه أن يتعلم طريقة المكفوفين ليمكنه تحصيل العلم بنفسه.
المعلم المكفوف:
ثم أصحاب الفتى  أن مدرسة المكفوفين فيها أستاذ شرير (أعمى /ج/ أضراء) يستطيع أن يساعد الفتى على تعلم طريقة المكفوفين, ولما ذهبوا إليه قال الأستاذ الضرير أنه (زعيم) كفيل ان يعلم الفتى القراءة والكتابة باللغتين الفرنسية واللاتينية, ولم يطلب لنفسه إلا أجرا ضئيلا في نفسه (في نظره), ولكنه كان ثقيلا على الفتيين اللذين يعيشان بمرتب شخص واحد.
تعلم الكتابة البارزة:
أقبل الفتى على تعلم الكتابة البارزة فأحسنها سريعا,ولكنه لم ينتفع بها في درسه,وذلك أن الكتب التي كان يحتاجها لم تكن قد طبعت بهذه الطريقة, هذا غير انه إذا ما وجد كتابا مطبوعا بهذه الطريقة فإنه سرعان ما يشعر بالنفور والضيق, وذلك لأنه تعود أن يأخذ العلم بأذنيه لا بأصابعه.
صعوبات الانتفاع بالطريقة البارزة:
لقد وجد هذه الطريقة عسيرة جدا في تحصيل الدرس, وذلك انه يجد مشقة في تتبع النقاط البارزة ليؤلف من منها الكلمة ثم يؤلف من الكلمات جملة ثم من الجمل كلاما يمكن أن يعمل فيه عقله وبصيرته (قوة الإدراك والفطنة /ج/ بصائر)
أثر الصعوبات على نفس الفتى:
وجد الفتى في هذه الطريقة عسرا (شدة وصعوبة) وٍسأما عظيم, وذلك انه يستطيع بأذنيه أن يحصل من العلم في اللحظات القصيرة ما يحصله بأصابعه في الوقت الطويل
ماذا فعل الفتى للتخلص من هذه الصعوبات:
لكي يتخلص الفتى من هذا الملل والضيق قرر العدول (الانصراف) عن الكتابة البارزة, العودة إلى الطريقة التي ألفها في كل درسه إلا في درس اللاتينية التي كان حريصا أن يتعلمها في أناة ومهل, كما أن هذه الطريقة كانت تلائم وتناسب ابتداءه درس اللاتينية وحاجته الشديدة للتريث(البطء) والأناة (التمهل) فيها.
كما قرر الفتى أنه يحتاج إلى قارئ يقرأ عليه الفرنسية واللاتينية جميعا, خصوصا أنه لم تقدم في درس اللاتينية أحس بملل وسأم شديد من استخدام أصابعه.
واستطاع الفتى أن يدبر هذا القارئ دون ان يستغن عن أستاذه الذي كان يعلمه هاتين اللغتين.
كيف دبر الفتى المال اللازم للقارئ؟
استحى الفتى أن يطلب من الجامعة عونا جديدا فقتر (ضيق) على نفسه أشد التقتير وأقساه وعاش عيشة غليظة خشنة ولكنها كانت على أي حال أفضل من حياته الغليظة في مصر.
الخلاف بين الأخوين:
لم يستمر الحياة كما كان يتمناها الفتى, فبعد أن كان يعيش مع أخيه حياة راضية يدبران فيها أمرهما بما يلائم طاقتهما المالية على ما فيها من مشقة, فقد اختلف مع أخيه واشتد الخلاف بينهما حتى أصبح خصاما متصلا وشقاء ملحا (دائما مستمر), فاضطرا للافتراق على أن يسكن كل واحد منهما في مسكن خاص به.
أثر الخلاف على الأخوين:
اضطرهما الفراق والخلاف إلى المبالغة في التضييق والتقتير على أنفسهما, وذلك أن النفقات التي يقتضيها الفراق في المسكن ليست كالنفقات الين يتحملانها معا وهما في غرفة واحدة ومائدة واحدة.
وعلى الرغم من شدة الحياة وقسوتها, فلم تنل من صبرهما ولم تصرفهما عن جدهما في الدرس, كما لم تنقطع الصلة بينهما بل كانا يلتقيان أحيانا.


حياة الفتى بعد فراق أخيه :
كما أن حياة الفتى لم تكن شقاء متصل, لم تكن كذلك حلوة ولا مُرة, بل كانت مزاجا بين الجد الصارم (القوي الجاد) والهزل الباسم, فهي تمر أول النهار, وتحلو آخره إذا ما تجمع أصحاب الفتى ليقضي بينهم فيما يعرضون من مشكلات وأكثرها كانت مشكلات الحب والغرام.
الفتى يحكم بين أصحابه في شئون الحب:
كان من الطبيعي أن يداعب الحب قلوب هؤلاء الفتية المصريين الذين يعيشون في فرنسا ويختلفون إلى القهوات والأندية وبعض الحفلات, وكان يقسو عليهم في كثير من الأحيان.
وقد تروق (تعجب) اثنان منهم فتاة واحدة ويلتمسان (يطلبان) اللقاء حتى إذا ظفر أحدهما برضاها حدث التنافس والخصام ثم التلاحي (التنازع) ثم الفرقة.
ويصبح من ظفر برضا الفتاة عدو لصديقه الذي خانه الأمل, وسرعان ما يتجاوز الخلاف والخصام مسالة الحب إلى ألوان الحياة التي كانا يتعاونان عليها ويشتركان فيها فيحضرا للفتى يحكم بينهما.
لماذا لم يقع الفتى في خصومات الحب؟
لك يقع الفتى في هذه الخصومات ولم يكن له في مسألة الحب أرب (هدف) ولا سبيل, وذلك انه مكفوف لا يرى وجوه الحسان ولا يعرف كيف يتحدث إليهن, أو كيف يبتغي إلى راضاهن سبيلا, كما كان يقضي صباحه في الجامعة فإذا عاد إلى منزله آخر النهار لم يبرحه حتى يصبح, والأصدقاء يلمون به (يزورونه زيارة غير طويل) أول الليل أو آخره, فيختصمون إليه فيصلح بينهم أحيانا ويقضي لبعضهم على بعض أحيانا أخرى.
وحدة الفتى ليلا وخواطر أليمة: 
فغذا تفرق عنه الأصدقاء قضى ليه في خلوة مرة لا يجد عليها معينا, وتداعب نفسه الخواطر (الأأفكار /م/ خاطرة) المختلفة, بعضها يسره ويحي فيه الأمل والآخر يسوؤه ويدفعه لليأس ولقنوت (شدة اليأس), حتى أن هذه الوحدة كانت تذكره بوحدة القاسية في حوش عطا في القاهرة والتي لم يكن يؤنسه (يفرحه ويذهب وحشته ) فيها إلى صوت الصمت أو أزيز (صوت) بعض الحشرات.
أثر الوحدة على نفس الفتى:
وقد تشتد عليه الخواطر وقسوة الوحدة فيمتنع عن النوم ويجعل الأرق (السهر) حليفه, وقد يجد الباب يطرق عليه في بعض لياليه بعد أن يتقدم الليل, ويدخل عليه أحد أصحابه الذين أخذوا من عبث الشباب أقصاه ويأبى إلا أن يقص عليه عبثه, فإذا فرغ صاحبه من عبثه رحل وترك الفتى في حزن وضيق وصل فيهما إلى غايتهما (منتهاهما) فيقضي ليلة لا يذوق فيها نوم ويصبح على حياة فاترة لا خير فيها لعقله ولا لجسمه.
ثقة الفتى بنفسه:
وعلى الرغم من هذه الوحدة القاسية, والمشقة البالغة في الاختلاف إلى الجامعة والانتفاع بدروسها, فقد كان راضيا عن حياته كل الرضا, ولا يتمنى إلا أن ينتهي إلى غاياته (أهدافه) وهو يشعر بالثقة في أنه سيبلغ من هذه الحياة ما يريد, فيثق في أنه سيتقن اللغة الفرنسية وهو بالفعل بدأ يحسنها, ويطلق لسانه في يغر مشقة, كما كان يثق في أنه سيتعلم اللغة اللاتينية وسيتهيأ للامتحان, ومن يدري لعله أن يكون أول طالب مصري يظفر بدرجة الليسانس في الآداب.
الحياة تبتسم للفتى:
وعلى الرغم من الحياة الغريبة التي عاشها الفتى, والتي كانت حلوة وقاسية لينة, يفرح أحيانا ويشقى أحيانا أخرى, فقد جاء يوم ابتسمت له الحياة ابتسامة غيرت كل حياته, وما كان ذك إلا من خلال سماعه صوتا حانيا رقيقا.
أبو العلاء المعري والفتى:
لقد ملأ أبو العلاء المعري حياة الفتى نفس الفتى ضيقا وبغضا, وأيأسه من الخير, وألقى في نسفه أن الحية كلها جهد ومشقة وعناء, فأصبحت نفسه كالمدينة التي ملأتها السحب والغيوم والعواصف التي أخافته وأفزعته.
أثر ابتسامة الحياة للفتى:
لم يعد يعرف الفتى الوحدة الموحشة إذا خلا إلى نفسه ليلا, بل لم تعد الأفكار تؤذي ولا تضنيه (تثقله) ولم يعد يشعر بذلك الأرق ليلا, وذلك أنه انشغل عن حياته القاسية ووحدته البغيضة بصوت رقيق عذب يشع في نفسه البر والحنان كلما قرأ عليه بعض الآثار الأدبية الفرنسية القديمة.  (أثر الصوت على حياة الفتى) J
لقد كان الصوت يصحبه ليل لنهار لا يكاد يخلو إلى نفسه غلا سمعه يقرأ عليه هذا الكتاب أو ذاك, في تلك النبرات التي كانت تسبق إلى قلبه فتملؤه رضا وغبطة (تمني النعمة من غير زوالها) وسرور, وقد كان لهذا الصوت أثر كبير غير كل حياته ومن ذلك:
بالنسبة لنفس الفتى:
ذاد (دفع) هذا الصوت عن نفس الفتى كل ما ألقاه أبو العلاء المعري فيها من يأس وضيق وبغض وتشاؤم, فكان كالشمس المشرقة التي بددت غيوم وسحب اليأس والتشاؤم, ومنذ أن سمع ذلك الصوت يقرأ عليه بعض شعر (راسين) لم يعرف اليأس إلى قلبه سبيلا, بل كان يشعر أنه خلق خلقا جديدا.
بل لم يحب الحياة قط كما أحبها في الثامن عشر من شهر مايو في ذلك العام.
بالنسبة لحياة الفتى:
لم يعد يعرف الفتى الوحدة الموحشة إذا خلا إلى نفسه ليلا, بل لم تعد الأفكار تؤذي ولا تضنيه (تثقله) ولم يعد يشعر بذلك الأرق ليلا, وذلك أنه انشغل عن حياته القاسية ووحدته البغيضة بصوت رقيق عذب يشع في نفسه البر والحنان كلما قرأ عليه بعض الآثار الأدبية الفرنسية القديمة.
بالنسبة لدرس الفتى:
لم يشعر الفتى أنه أقبل على العلم الدرس والعلم كما أقبل عليه منذ ذلك اليوم (18 مايو), كما لم يعرف أنه انتفع بالاختلاف إلى الجامعة والقراءة في الكتب كما انتفع بهما منذ ذلك اليوم, واستمر في هذه السعادة حتى بعد أن انقطع هذا الصوت الرقيق في بداية الصيف.
بم شبه الفتى نفسه وشبه الصوت:
شبه الفتى نفسه بالمدينة التي أطبقت عليها الغيوم والسحب وامتلأت عواصف ملأتها إشفاقا (خوفا) وروعا (فزعا), وشبه الصوت بأنه شمس أِرقت في أحد أيام الربيع فجلت (أزالت ومحت) عن المدينة كل هذه الغيوم والسحب,وملأتها نورا وإشراقا.

الجامعة تقضي على سعادة الفتى:
وفي غمرة هذه السعادة المتصلة, جاءه صديقه الدرعمي ذات مساء مظلم النفس والوجه والصوت, ونبأه أن الجامعة أرسلت كتابا تطلب من جميع طلاب البعثة المصرية العودة إلى مصر مع أول سفينة تتاح لهم بعد قراءة هذا الخطاب.
أثر الكتاب (الرسالة) على الفتى:
سمع الفتى النبأ فغرق في ذهول عميق لم يدر أطالت مدته أم قصرت؟ فقد تحولت آماله العذاب (الهنيئة /م/ عذبة) إلى آمال كذاب, وتحولت حياته المشرقة الباسمة إلى حياة عابسة مُمضَّة (موجعة مؤلمة).
وأخذ يتعلق بالوهم, ويبرق إلى أصدقائه القادرين في مصر ليسعوا له في الخير عند الجامعة أو السلطان, ويبرق مرة أخرى إلى القصر, ولا يأتي البرق إلا بالإلحاح في العودة في غير إبطاء.
وذات يوم من شهر سبتمبر رأى الفتى نفسه كاسف البال (محتجب والمراد حزين) معه رفيقه الدرعمي يسعيان إلى السفينة يثقلهما الحزن والهم كأنهما يساقان إلى الموت وليس يعودان إلى وطنهما.












مناقشة الفصيح
حدد أى العبارات الآتية (صواب) أم (خطأ):
1- استقبل الفتى حياته فى مونبلييه بفرنسا بالحزن والألم.       
2- كانت حياة الفتى فى الأزهر حياة مادية عسيرة.      
3- كان الفتى فى فرنسا يجد صعوبة فى فهم دروس الأساتذة باللغة الفرنسية.     
4- تغيرت حياة الصبى بعد مقابلة صاحبة الصوت العذب.       
5- تشابه أثر كل من أبى العلاء وصاحبة الصوت العذب على الفتى.  
6- ألقى أبو العلاء المعرى فى نفس الفتى التفاؤل والسعادة.     
7- أحب الفتى طريقة الكتابة البارزة فى التعلم.          
"ويرى الفتى نفسه ذات يوم من شهر سبتمبر يسعى مع رفيقه الدرعمى إلى السفينة وكلاهما محزون كاسف البال كأنه لا يسعى للعودة إلى الوطن وإنما يساق إلى الموت".
( أ ) ما المراد بـ "كاسف" وما جمع "رفيق".     
(ب) لماذا لم يكن الرفيقان سعيدين بالعودة إلى الوطن؟   
(جـ) ما النبأ الذى قطع سعادة الفتى؟    
س : "وقد أخذ الفتى يتهيأ لإتقان الفرنسية من جهة وتعلم اللاتينية من جهة أخرى فالتمس لنفسه معلماً خاصاً يعينه من ذلك على ما كان يريد . وقد جعل رفاقه يبحثون له عن المعلم الذى يلائمه".
 ( أ ) ما مرادف "التمس" وما مفرد "رفاق"؟       
(ب) لماذا أخذ الفتى فى تعلم الفرنسية واللاتينية؟         
(جـ)ما الطريقة المقترحة لتعلم الفتى الفرنسية واللاتينية؟ وما رأى الفتى فيها ؟               
س: "وإذا هو لا يعرف الوحدة أو الوحشة إلى نفسه سبيلا وكيف تبلغه تلك الخواطر التى كانت تؤذيه وتضنيه وتورق ليله ..".
 ( أ ) هات مرادف "تضنيه" ومضاد "الوحشة".  
(ب) ما السبب فى ذهاب الوحشة عن الفتى؟ 
(جـ) ما أثر أبى العلاء فى نفس الفتى؟         

6- الصوت العذب
كم استغرقت رحلة العودة إلى مصر؟ وكيف قضاها الفتى؟
استغرق الفتى وصاحبه الدرعمي في السفينة ستة أيام طوال ثقال, كان فيها الهم صحبهما صباحا ومساء, فلا حديث لهما إذا التقيا صباحا إلا عن خيبة أملهما ولم يفكرا في شيء طوال الليل حين يفترقان إلا فيها, فقد كانت المفاجأة قاسية عليهما.
بعثة الدرعمي في فرنسا:
لقد أنفق (أنهى وأذهب)  الدرعمي أعواما طوال في فرنسا ولم يحقق شيء من آماله, فقد
حاول واقترب؛ حيث تعلم الفرنسية واختلف إلى الدرس وهيأ نفسه لإعداد رسالة الدكتوراه, فجاءت الحرب لترده عن ذلك, ثم عاد لفرنسا مرة أخرى واستأنف استعداده للرسالة والامتحان, فردته الأزمة المالية التي تمر بها الجامعة, فعاد لوطنه خائبا لم يظفر بشيء ولم يصنع شيء.
بعثة الفتى في فرنسا:
جد الفتى وكد( اشتد على نفسه وكافح) واحتمل المشقة والعناء, وداعب الأحلام والآمال, حتى أشرف على البعثة, ولكن إعلان الحرب رده عنها, فعاش عيالا (معتمد) على أبيه وأخيه أشهرا ذاق خلالها مرارة الحياة التي لا تغني عنه شيئا, ثم أتيحت له البعثة فأقبل على عمله مغتبطا (مسرور) سعيدا, نشيطا, وحاول مع الدرس حتى أتيح له الكثير من التوفيق فظن أنه سيبلغ ما يريد.
ثم عرض له في فرنسا ما أحيا آمالا لم تطرق له ببال, وظن انه يستطيع أن يكون مثل الناس وأفضل من كثير من الناس, بما شعر من رضا وغبطة (حسن الحال والمسرة) وسكون الرحمة, التي بددت يأسه الذي ألقاه أبو العلاء المعري في نفسه بأن الحياة شقاء لن يذوق منها رحمة ولا شفقة.
وفي تلك الحياة الراضية الناعمة, دعته الجامعة ليعود كما خرج منها, كأنه كلما هم (استعد) لينال بعض آماله ترجع (شرب) مرارة اليأس والخيبة.
وكان الفتى قد عرف التبطل الفراغ في أشهره التي قضاها في مصر بعد أن أعلنت الحرب, وهو يعود الآن للتبطل والفراغ مرة أخرى.
بم وصف الفتى التبطل والفراغ؟
شعر الفتى بالضجر الشديد منهما ولذلك قال أف (اسم فعل مضارع بمعنى أتضجر) لهما من رفيقين بغيضين (التبطل والفراغ)
كيف كان الطريق بين مونبلييه, ومارسيليا؟
كان الفتى يقطع الأمد (الغاية /ج/ آماد) بين منبوليه ومارسيليا أثناء الليل الثقيل ولا يوجد في نفسه إلا شيء واحد وهو الصوت العذب الذي طالما قرأ عليه آيات الأدب الفرنسي وهو في تلك الليلة يناجيه في حزن وألم ويقول له إذن فلن نلتقي بعد أن ينقضي الصيف.
الصوت العذب يصاحب الفتى في السفينة: (أثر الصوت على الفتى في السفينة)
صحب الصوت العذب الفتى في السفينة في رحلة العودة إلى مصر فكان يناجيه يأسا مرة وآملا مرة أخرى, يشفق عليه من الأحداث التي يمر بها ويمنيه بالانتصار عليها والخروج منها سريعا, ويتحدث إليه الصوت العذب بأنها الغمرات (الشدائد /م/ غمرة) ثم ينجلين (ينكشفن), ويهون عليه بأن لكل أزمة نهاية وأن بعد كل حرج (ضيق) فرجا.
والفتى مضطرب بين الابتسامات المضيئة الخاطف التي تختفي سريعا وبين هذا الحزن الجاثم (المستقر) المقيم الذي لا يفارقه إلا ريثما يعود إلى مناجاة صوت العذب.
صعوبات لدخول الوطن:
بلغت السفينة ثغر الإسكندرية, فشعر الفتى وصاحبه الدرعمي بزهد الوطن فيهما وكأنه لا يريد أن يلقاهما ولا أن يضمهما بين ذارعيه, وما ذلك إلا لأن الحرب كانت على أشدها وكان الأمر (الحكم) في مصر لغير أهلها (للأنجليز) ففرضوا قيود ورقابة شديدة صارمة على الثغور.
وما أن وصل الصديقان إلى الثغر وأرادا النزول من السفينة رُدا ردا عنيفا, فلم يكن يكفي المصري أن يصل إلى وطنه ليدخله, بل يجب عليه أن ينتظر ويطول انتظاره حتى يؤذن له بالدخول.
وطال انتظار الصاحبين في السفينة حتى تأذن لهم السلطات بالدخول إلى مصر, فأسرعا يبرقان (يرسلان البرقيات) إلى الجامعة ومن يعرفان من الأصدقاء ليتعجلوا لهم إذن الدخول, ولكنهما انتظرا في السفينة يوما بعد يوم.
الوطن يفتح أبوابه:
مكث الصاحبان يومين في السفينة مضطربين أشد الاضطراب يريدان أن تفتح لهم أبواب مصر, ولكنهما يتمنيان ألا تفتح هذه الأبواب وأن يعودا بالسفينة مرة أخرى إلى مرسيليا.
ولكن الإذن يأتي ويسمح لهما بالدخول بعد لأى (تعب وشدة) فقد فتح لهما الوطن أبوابه ولكنه ظهر كئيبا (سيء الحال) مما أضاف إلى حزنهما حزن جديد.
ثلاثة أشهر في البؤس والفراغ:
مكث الفتى في القاهرة ثلاثة أشهر لا يعرف في حياته كلها شقاء أكثر مما عرفه في هذه الأشهر وكذلك لم يعرف سعادة مثلما عرف في هذه الأشهر, ولكن الشقاء كان طويلا ملحا, أما السعادة فكانت قصيرة خاطفة.
الصوت العذب وسعادة الفتى:
فقد كان يشقى بهذا الفراغ والتبطل والبؤس الذي يعيش فيه, ويسعد بهذا الصوت العذب الذي يناجيه بين الحين والآخر, وكثيرا ما أيقظه هذا الصوت من نومه فزعا ولكنه مسرور مع ذلك الفزع.
ومما زاد سعادته بهذا الصوت تلك الرسائل التي تصل بين الحين والحين وفيها كثير من الإشفاق والأمل, وكثير من التشجيع على احتمال النائبات (المصائب /م/ نائبة), بل كانت صاحبة الصوت العذب ترسل له في بعض الرسائل وردة قد جففت وأرسلت له ليحملها كأنها تميمة (تعويذه أو حجاب /ج/ تمائم) تذكره إن نسي, ولكنه ما نسي لحطة واحدة.
شكوى الفتى:
وصل الشقاء بالفتى لأن يشكو حاله وهو الذي لم يشكو قط, فلم يعد قادر على أن يصبر, حتى  نشر ذلك في أشعاره في الجريدة حتى عاب عليه بعض أصدقائه ذلك ولاموه عليه, فقال له أحدهم أين الصبر وأين الإجمال؟ (العمل الجميل) وأين ذهب عنك الحياء؟ لتكتب في الجريدة هذين البيتين:
الحـــمـــد للــه علــى أنني        قد صرت من دهري إلى شر حال
لا أملك القـوت ولا أبتغي          مـا فاتني منه بِذُلِ الســـؤال
إذا شعرت بضيق فالجأ إلى ربك بالصلاة والقرآن
نصيحة أصحاب الفتى له:
قالوا له املك عليك نفسك, فإنك إن شكوت الزمان للزمان, فهو لن يسمعك, وإن كنت تشكوه للناس فالناس مشغولون عنك بأنفسهم.
والناس بين رجلين, أحدهما عاطف عليك ولكنه لا يقدر لك على شيء, وثانذيهما قادر على معونتك,ولكنه لا يلقي إليك بالا (اهتمام)
هل استمع صاحبنا الفتى لنصيحة أصحابه؟
لم يقلع صاحبنا الفتى عن شكايته, لأنه لم يكن يشكو الزمان للزمان أو للناس, ولم ينتظر من الزمان أو الناس شيء, وإنما كانت الشكوى غناء نفسه المحزونة وباله الكئيب (حاله وشأنه الحزين).
نشر كتاب أبي العلاء في جريدة السفور:
خلال أيام الفراغ أصدر (عبد الحميد حمدي) رحمه الله جريدة (السفور) في كل أسبوع, وكان يطلب إلى الفتى وأصحابه أن يعينوه على الكتابة فيها, فكان الفتى يرسل إليه حديث نفسه المر.
حتى طلب إليه (عبد الحميد حمدي) في تلك الأيام أن ينشر كتابه عن أبي العلاء المرعي, فشعر الفتى بالحبور (السرور) فقد وجد في ذلك تسلية لبعض همه وشغلا لوقته وإرضاء لغروره الذي يحتاج لبعض الرضا بعد أن أسرفت الحياة في القسوة عليه, وزاد من رضا غروره أنه سيظهر له كتابا رغم هذه القسوة وهذه الحالة الشديدة القاسية.
انفراج أزمة الجامعة:
في أحد الأيام دعاه علوي باشا وأنبأه في عطف ورفق بأن أزمة الجامعة انفرجت وأن عليه أن يستعد بأنه سيبحر قريبا هو وصديقه الدرعمي وأعضاء البعثة بعد أيام.
مقابلة السلطان حسين كامل:
ثم أنبأته الجامعة بأنه وأعضاء البعثة سيتشرفون بمقابلة السلطان حسين كامل,و ذهبوا في ضحا أحد الأيام يقودهم علوي باشا, ولقيهم السلطان لقاء حسنا, وسأل السلطان الفتى سؤالا لم يعرف كيف يرد عليه, فقد سأله من أول من رفع شأن التعليم في مصر؟ فوجم الفتى ولم ييرجع جوابا ( لم يرد) فقال السلطان وهو يضرب على كتفيه بلهجة تركية (جنة
مكان إسماعيل باشا) والمعنى يرحمه الله ويجعل مكانه الجنة.
مكافأة السلطان:
انصرف الرفاق ولم يكادوا يصلوا إلى غرفة الاستقبال حتى أنبأهم منبئ أ، السلطان قد تفضل وأجاز (أعطاه جائزة) لكل واحد منهم خمسين جنيها.
انصرف الرفاق وخلصوا نجيا (متناجين أي متحدثين في صوت خفيض) وقرروا أن يهدوا جوائزهم للجامعة معونة لها واعترافا بفضلها عليهم, وردا لبعض جميلها, وكانوا سعداء بهذا القرار.
سخرية علوي باشا:
وانطلق الرفاق إلى علوي باشا يعرضون عليه قرارهم منتظرين منه الثناء التشجيع على عمل الخير, ولكنه سمع منهم ثم أغرق في ضحك متصل وقال لهم,
ما هذا الكلام الفارغ! خذوا أموالكم واذهبوا بها إلى باريس وأيها الحمقى... فمن حقكم أن ترفهوا على أنفسكم أياما بعد ما لقيتم في هذه الأشهر من عناء طويل ثقيل.
وسكت قليلا ثم قال: فإذا أصبحتم أغنياء فاستأنفوا ما أقدمتم عليه من خير, وما أراكم تفعلون يومئذ, فستعرفون قدر المال.
أثر سخرية علوي باشا على الرفاق:
انصرف الرفاق عن علوي باشا هو لا يعرفون هل يشكروه لأنه حافظ لهم على أموالهم لينفقوها في باريس,أم كانوا ساخطين عليه لأنه لم يقبل تبرعهم الذي أقبلوا عليه مخلصين؟
مشكلة السفر لفرنسا:
سل الله وثق به
يعطيك ما تحب ويزيدك من فضلهوفي صباح يوم يذهب صاحبنا إلى الجامعة ليأخذ تذكرته فيسمع ما يؤذيه أشد الأذى وأمضَّه (آلمه ألما شديد) فقد رفضت شركة السياحة أن تصرف له تذكره إلا بإذن خاص من المفوضية الإيطالية (السفارة), فقد كان من المقرر نزولهم في نابولي وكانت الشركة تخشى ألا يؤذن للفتى بالنزول لأنه ضرير لا يحسن السعي في اكتساب الرزق.



أثر رفض الشركة على صاحبنا الفتى:
شعر بألم شديد ودخل قلبه حزنا شديدا ولوعة ما بعدها لوعة, وظن أنه سيرد عن السفر مرة ثالثة, ولكن الأستاذ لطفي السيد والأمير أحمد فؤاد يسران في أمر سفره, فيركب من غد (صباحا) القطار إلى بورسعيد ويصعد السفينة الهولندية التي تعبر به البحر إلى نابولي
الطريق إلى أوربا:
واختلف الأمر في العودة إلى أوربا عن العودة إلى مصر, فقد كانت رحلة العودة إلى الإسكندرية حزينة أليمة, أما في رحلة العودة إلى أوربا فلم يملك نفسه من الفرح والمرح والسرور, حتى أصبح كل شيء يضحكه ويغريه بالبهجة والاغتباط.
حتى إذا تقدم الليل أقبل الخادم عليه وعلى صاحبه الدرعمي وهو يقول لهما, إذا سمعتما الجرس فأسرعا إلى اتخاذ منطق النجاة ثم سرعا إلى الزورق المخصص لكما, فإنك تعلم إن الحرب قائمة, وإننا لا نأمن أ، تعرض لنا في الطريق إحدى الغواصات ثم انصرف.
أثر حديث الخادم علي الفتى وصاحبه الدرعمي:
أخذ صاحبنا الدرعمي يعول (يرفع صوته بالبكاء) شاكيا ذاكرا أمه التي لن يراها ولن تراه, والفتى يسمعه ويغرق في الضحك لا يكاد ينقطع
الوصول إلى نابولي :
ولم تتعرض السفينة لأي أذى, وبلغوا نبولي ألح الفتى على صاحبه الدرعمي في الإسراع إلى مكتب البريد, وهناك وجد رسالتين كانتا تنتظرانه من باريس, فقرأهما عليه صديقه مرة ومرة, وفي الثالثة قال منكرا:
إليك عني ففي نابولي ما هو أنفع لنا وأجدى علينا من ترديد هذا الكلام الذي حفظناه عن ظهر قلب, وأنفق الصاحبان يوما سعيدا في نابولي حتى جاء الليل وركبا القطار لباريس.
الدعاء هو العبادة
فلا تحرم نفسك ولا أهلك ولا من تحب من دعائك




مناقشة الفصيح
تخير الإجابة الصحيحة لما يلى:
1- وأنه لفى حياته تلك الراضية الناعمة .. وإذا الجامعة تدعوه إلى مصر ليعود إليها .. بسبب: (قيام الحرب - الأزمة المالية - ترشيح غيره للبعثة)    
2- كان عبد الحميد حمدى يصدر جريدة: (الهدى - السفور  - العروة الوثقى )  
3- طلب عبد الحميد حمدى إلى الفتى أن ينشر كتابه عن:
(أبى العلاء - السيرة النبوية - الأدب الجاهلى )         
4- بعد أن قابل أعضاء البعثة السلطان أمر لكل منهم بجائزة قيمتها:
(مائة جنيه - خمسون جنيها - عشرون جنيها)
"فى تلك الأيام كان عبد الحميد حمدى رحمه الله يصدر جريدة "السفور" فى كل أسبوع ويطلب إليه وإلى غيره من الصديق أن يعينوه بالكتابة فيها فكان صاحبنا يرسل إليه حديث نفسه المر". 
( أ ) هات مرادف "يصدر" ومضاد "يعينوه".      
(ب) ماذا طلب عبد الحميد حمدى إلى الفتى؟ وما موقف الفتى؟           
(جـ) بم كان الصوت يحدث الفتى وهو فى السفينة؟     
س: "وتبلغ السفينة ثغر الإسكندرية وإذا الوطن زاهد فى هذين الصاحبين البائسين لا يريد أن يلقاهما ولا أن يضمهما بين ذراعيه".
( أ ) هات جمع "ثغر" ومضاد "زاهدًا فيهما".      
(ب) لم كان الوطن زاهدا فى هذين الصاحبين؟   
(جـ) كيف تلقاهما الوطن؟      
س : "وقد نشر الكتاب ، ولكن صاحبنا لم يفد من نشره مالا قليلاً أو كثيرا ولم يفد منه رضا قليلا أو كثيرا فقد أعجل عن هذا كله".
 ( أ ) هات مرادف "أعجل" ومضاد "رضا".      
(ب) ما موضوع الكتاب الذى تتحدث عنه العبارة؟        
(جـ) لماذا لم يفد الكاتب من نشر الكتاب؟

7- في الحي اللاتيني
سعادة الفتى في طريق العودة لفرنسا:
شعر الفتى في رحلة العودة بسعادة بالغة, لأن الغمرة (الشدة /م/ غمرات) قد انجلت عنه (انكشفت مادتها جلو) ولأنه يعود إلى باريس وسيكمل الدرس الذي بدأه , ويحاول تحقيق آماله, كما أنه سيسمع الصوت العذب مرة أخرى يقرأ عليه روائع الأب الفرنسي وأوليات (مبادئ) التاريخ اليوناني الروماني وسيعينه على درس اللاتينية.
أثر مشاعر الفتى عليه:
لقد كانت هذه الأسباب أو بعضها جديرا أن ينسي الفتى كل ما لقي من جهد وكل ما احتمل من عناء وشقاء, ولكنه كان يحمل في نفسه ينبوع (بئر ماء /ج/ ينابيع) من الشقاء لا سبيل لأن يغيض (يجف) أو ينضب (ينقص) إلا بعد أن يغيض ينبوع حياته نفسها (يموت)
وهذا الينبوع هو تلك الآفة (العاهة/ج/ الآفات) البغيضة, التي امتحن بها في صباه وشبابه
أثر عاهة الفتى على حياته:
لم تستطع السعادة الغامرة أن تُنسي آفته التي امتحن بها في صباه وأوائل شبابه, ولكن تجاربه أتاحت له أن يتسلى عنها (ينشغل), بل أتاحت له أن يقهرها ويقهر المصاعب والمشكلات التي صنعتها هذه الآفة, ورغم ذلك فقد كانت تظهر له بين الحين والآخر أقوى منه وأمضى (أقوى وأشد) من عزمه وأصعب مراسا (معالجة) من كل ما يفتق (يشق ويخرج)له ذكاؤه من حيلة.
أثر هذه العاهة على نفس الفتى:
الغريب أن هذه العاهة كانت تؤذيه في دخيلة نفسه, سرا دون ان تجهر له بهذه الخصومة والكيد (القصد خفية لإيذاء الغير), فهي لم تكن تمنعه من المضي في الدرس أو التقدم في التحصيل والنجح (التفوق والنجاح) في الامتحان, ولكنها كانت مثل الشيطان الذي يكمن للإنسان في بعض الأحناء (المنحنيات /م/ حنو) والأثناء (خلال /م/ ثني) بين الوقت والآخر, فالشيطان يخلي لك الطريق لتتقدم فيه ثم يخرج لك فجأة من مكمنه هنا أو هناك فيؤذيك وينثني عنك (ينصرف) كأنه لم يتعرض لك بمكروه, على الرغم أنه أصاب مواضع الإحساس الدقيقة في قلبك, وفتح لك أبواب الألم والشقاء.
وكذلك كانت آفته تختفي وفجأة تظهر له لتصنع له المشكلات والمصاعب ثم تختفي كأنها لم تتعرض له, بعد أن تركت في نفسه الألم والشقاء.
الفتى ينسى بصره لأول مرة في السفينة:
حينما ركب الفتى لأول مرة السفينة إلى أوربا وخرج من زيه الأزهري إلى زيه الأوربي الجديد نسي شيئا واحدا لم يحسب له حسابا لأنه لم يخطر له على بال, وهذا الشيء هو بصره المكفوف, وأجفانه التي تتفتح على الظلمة.
رأي أبي العلاء المعري في العمى:
لقد قرأ الفتى أحاديث لأبي العلاء المعري يقول فيها إن العمى عورة يجب على المرء ألا يظهره أمام المبصرين, وفهم الفتى هذا الأمر كما فهمه أبو العلاء فكان يستخفى بطعامه وشرابه حتى يشفق عليه المبصرون.
الحياة الأوربية تلزم الكفيف بغضاء العين:
ولم يخطر بباله قط (ظرف زمان لما مضى والمراد مطلقا) أن الحياة الأوربية الحديثة توجب عليه أن يغطي عينيه غطاء ماديا, ولم يعلم هذا إلا بعد أن وصل مارسيليا, فقد كانت يقضى أيام السفينة قابعا(مقيما) في غرفته لا يفارقها إلا في الضرورات, ولا يحدث ذلك إلا ليلا,ولكن رفاقه نبهوه إلى ذلك فقالوا بأن تقاليد الفرنسيين تقتضي أن يغطي أجفانه بغطاء من زجاج أسود يضعه المبصرون ليتقوا (يحتموا) به أشعة الشمس.
أثر تنبيه الرفاق على الفتى:
لم يشعر الفتى بأذى من تنبيه أصدقائه فقد رأى في ذلك تجديدا, كما انه شعر بالارتياح لذلك, وكاد أن يعفى من الشقاء بعينيه المظلمتين, بل لم يفكر في أمر عينيه ولا غطائهما طول مدة بقائه في فرنسا حتى عاد إلى مصر.
الغطاء الذهبي:
ولما عاد إلى مصر واستقبله أكبر إخوته ورأى ذلك الغطاء على عينيه أنكره , وقال إنه رخيص لا يزيد ثمنه على قرشين ولا يليق بمثلك بين الذين تقابلهم وتلقاهم من رفاق وأصدقاء وأصحاب المكانة الظاهرة (المنزلة الرفيعة) في مصر.
وأهداه غطاء ذهبيا يليق بمكانته بين من الأصدقاء وأصحاب المكانة البارزة في مصر.
ما رأي الفتى في غطاء العين:
يرى بأنه لا يبالي إن كان رخيصا أو حقيرا فما ينبغي ان يتزين مثله بغطاء العين,وإنما يلبسوه ليخفوا به آفاتهم.
ولكنه قبل الغطاء الذهبي شاكرا لأخيه رفقه وعطفه عليه, وظل في مصر يرتدي على أذنيه وعينيه هذا الغطاء الذهبي.
بم وصف الكاتب أخاه الأكبر؟
وصفه بأنه كان من المطربشين وكان ميالا إلى الترف رغم ضيق ذات اليد (الفقر) وضآلة مرتبه.
الكتب الثلاث المحزنة:
بعد أن تقرر عودته إلى فرنسا مرة أخرى وذهب ذات يوم إلى الجامعة قُرئ عليه كتابان, ولما عاد إلى بيته قرئ عليه كتاب ثالث وصل هذا الصباح, وقد ملأت هذه الكتب الثلاث نفسه هما وغما وبغضا للحياة,ألقت على وجهه غشاء صفيقا (ثقيلا سميكا× رقيقا) من الكآبة التي أنكرها عليه أصحابه وعلوي باشا الذي رآه بذلك الحال عندما أركبه القطار.
ما أثر كآبة وحزن الفتى على علوي باشا؟
رافق علوي باشا الفتى وأعضاء البعثة إلى القطار الذي سينقلهم من القاهرة إلى بورسعيد, فرآه على وجهه هذه الكآبة والحزن فسأله عن سبب ذلك الحزن وهو الذي قدر (ظن) أنه سيراه سعيدا مبتهجا مشرقا وسأله ألا يسرك أن تعود لفرنسا؟
فلم يجب الفتى وانحدرت دمعتان من عنينه فضمه إليه علوي باشا وقبل جبهته قبلة كلها حنان وبر لم ينسها الفتى قط, ثم همس في أذنه وقال له أقسم لك يا بني ما عاد صديقك هذا (الدرعمي) إلى فرنسا إلا من أجلك..... ثق بالله ولا تخف شيئا.
أثر همس علوي باشا على الفتى:
سكت البكاء عن الفتى ولم تسكت الكتب الثلاثة,وغنما رافقته أثناء سفره تعذبه وتلح في عذابه حتى أنها كانت جديرة أن تبغض إليه نفسه, ولولا الصوت العذب الذي كان يناجيه (يحدثه سرا) الذي رد إلى نفسه المروعة (المفزعة) شيئا من الأمن وإلى قلبه اليائس شيئا من الأمل لبغض نفسه.
الكتاب الأول:
كان من علوي باشا إلى أكبر إخوة الفتى (المطربش) يخبره فيها بأن الأزمة المالية للجامعة فرضت عليها أن ترد بعثتها إلى مصر كارهة.
اقتراح علوي باشا:
وأنه حريص على أن يكمل الفتى بعثته لأنه يتوسم (يخيب) فيه خيرا ويكره أن يعود دون ان يحقق أمله في فرنسا, ولذلك يقترح على أسرته أن ترسل نصف المرتب الذي تمنحه الجامعة للفتى وأن يتحمل هو (علوي باشا) النصف الآخر ليبلغ الفتى أربه (أمنيته وبغيته) ويعود وقد ظفر بالدرجات الجامعية الفرنسية ويصبح أستاذا في الجامعة  المصرية.
أثر الكتاب على نفس الفتى:
كان ذلك الكتاب جديرا أن يملأ نفس الفتى سرورا وبشرا وشكرا لهذا الرجل الكريم النبيل
الكتاب الثاني (رد الأخ الأكبر على علوي باشا):
رد الأخ الأكبر ردا بشعا (قبيحا), فقد كان يشكر فيه للباشا فضله وكرمه, ويعتذر فيه عن الأسرة بأنها فقيرة لا تستطيع أن ستجيب لما تراد عليه (يُطلب منها), وذلك لأن:
مرتبه هو (الأخ الأكبر) عشرين جنيه فقط, وله بنون وأسرة ينفق عليهم.
مرتب الشيخ (أبي الفتى) لا يزيد على مرتبه هو (الأخ الأكبر) إلا القليل,و له بنون آخرون ينفق على تعليمهم في المدارس, كما أنه يتقدم في السن.
وبين أن الأسرة تتمنى لو أنها تستطيع أن تعين ذلك البائس على درسه لو جدت إلى ذلك سبيلا, ثم طلب الأخ الأكبر من علوي باشا أن يستعين بالسلطان على تعليمه, فإن لم يجد إلى ذلك سبيلا فليرده إلى مصر وليستبق رعايته له وعطفه.
أثر كتاب الأخ الأكبر على نفس الصبي:
محا كتاب أخيه الأكبر من نفسه كل بشر وسرور, وذلك أنه رأى رجلا غريبا مستعدا للقيام ببعض نفقاته في أوربا, ورأى أخا قريبا كارها لذلك.
مم استغرب الفتى؟
استغرب الفتى من أمر أخيه الأكبر الذي لم يُنبئ (يخبر) أباه ولا أخاه الشيخ الأزهري بأمر تبرع علوي باشا.
وعذره في ذلك أن أباه كان يرسل إليه بين الحين والآخر جنيهات تبلغ العشرة مرة وتزيد قليلا مرة أخرى ليرسلها إلى أخويه في أوربا معونة لهما على الحياة, فإذا استقرت الجنيهات في يده لم يسهل عليه أن يرسلها بل كان ينفقها في بعض شأنه هو.
الكتاب الثالث:
كان من أخيه الأكبر يودعه فيه ويتمنى له النُّجح والتوفيق ويطلب منه أن يرسل إليه الغطاء الذهبي لأنه في حاجة شديدة إليه فكان يسيرا على الفتى أن رد الغطاء الذهبي وعاد إلى غطائه القديم الرخيص. ولكن طلبه أخيه زاد من ألمه وحزنه.
ورغم ذلك عاد إلى محبورا (مسرور) مزودا بمقدار غير قليل من الشقاء.
الفتى في القطار بين روما وباريس:
لم ينس صاحنا قط أنه أُركب القطار بجانب النافذة في روما في منتصف الليل متجها إلى باريس, واستمر ثلاثين ساعة كاملة جالس في مكانة لم يتحرك كأنه متاع ألقي في ذلك الموضع منتظرا الوصول إلى باريس ليلقي في موضع آخر.
تفكير المتاع في القطار:
كان صحبنا الفتى أشبه شيء بالمتاع, ولكنه متاع مفكر.
يفكر في قول أبي العلاء (إن العمى عورة) , وفهمه الآن وهو يرفع يده بين الحين والآخر ليتحقق (يتأكد) أن الغطاء الرخيص الحقير يستر عينيه اللتين كان يجب أن تسترا.
وكان يفكر في أمر الفقر والغنى, وفي أمر هؤلاء الذين لا يعرفون كيف ينفقون المال فيكدسونه أكداسا أو ينثرونه نثرا لا يجدي (ينفع) عليهم أو على غيرهم شيئا.
ويفكر في أمر هؤلاء الذين لا يجدون ما ينفقون ليقيموا أودهم (يسدوا حاجة جسمهم من الطعام), أو ليستروا جسمهم ويستروا عورة العمى حين تفرض عليهم آفته.
ويفكر في أمر الذين تسمو هممهم إلى أكثر من إقامة الأود وستر الجسم وتغطية العينين المظلمين إلى الاغتراب في طلب العلم, ثم لا يجدون أيسر ما يحتاجون إليه, فيبخل عليهم القادرون ويبخل عليهم الأقربون, ويهم (يتهيأ) الأخيار للمساعدة فيُردوا عن ذلك ردا.
ويفكر مرة ثالثة في أمر الصوت العذب الذي يلقاه بين الحين والآخر مواسيا له مترفقا به يقرأ عليه بعض فصول الكتب الفرنسية, منبئا (مخبر) بأنه ينتظره في باريس ليقرأ عليه.
إعراض الفتى عن الطعام الشراب:
لبث الفتى ثلاثين ساعة في مكانة لم يبرحه, وكان الر فاق يعرضون عليه الطعام إذا جاء موعده فكان يرده في رفق وتصميم على الرد, وكذلك مع الشراب, فإذا حاولوا مراجعته (مناقشته) في ذلك فكان يعرض عنهم (يصدهم) في صمت,
الدرعمي يعيب على صديقه الفتى الصمت والامتناع عن الأكل والشراب:
حتى قال له رفيقه الدرعمي معاتبا, ما رأيت رجلا لا يخاف البحر على هوله وعلى ما يعرف من أمر الغواصات والحرب, ثم يخاف إذا ركب القطار ويمتلأ قلبه رعبا, ورغب عن الطعام والشراب ( كرههما), أشجاعة في حين كان يستحب الجبن؟ وجبن حين يصبح الجبن مثيرا للهُزء والسخرية؟ ما الذي تخاف من القطار؟ إن قطار أوربا كقطار مصر لا فرق بينهما ألم تأكل قط حين ركبت القطار في مصر؟
غناء الدرعمي:
ثم ينصرف الدرعمي عن حديثه مع الفتى ويغني ذلك الغناء الذي كان يعجب الفتيات الفرنسيات فيرضين عنه أشد الرضا, ويعجبن به أشد الإعجاب, ولا يلقينه إلا تمنين أن يغني عليهن غنائه, وكن يسمينه (أعرابي) فيقلن في إلحاح (غن لا أعرابي)
وكن ينطقن (أعرابي) فيلغين (يحذفن) الغين ويلثغن (ينطقن الراء غين) في الراء ويقصرن الألف بينها وبين الباء.
أثر إلحاح الفتيات على الدرعمي:
كان يرتاح صاحبنا الدرعمي لهذا الإلحاح فيندفع في غنائه على نحو ما كان يصنع بعض المنشدين في الأذكار :
يا رب صل على الهادي        واغفر ما أنت به اعلم
أعرابي جاء إلى الهادي        معه ضب لا يتكلم.
أثر غناء الدرعمي على الفتى:
كان الدرعمي يوقع الغناء على نغم مرقص, وكتان الفتى كلما سمعه أغرق في ضحك متصل, وكان ربما تمنى عليه أن يغني له أعرابي, فكان ينطقها كما تنطقها الفتيات الفرنسيات, ولكن في ذلك القطار لم ينشط ولم يتأثر بذلك الغناء حتى استيأس(يئس وانقطع
أمله) منه صديقه الدرعمي فخلا بينه وبين الصمت والسكون.
وأعرض الدرعمي عن صاحبه لا يحدثه ولا يكلمه وإنما يرمقه (ينظر إليه ويراقبه) بين الحين والآخر كما يرمق متاعه خوفا من سرقته, ولما بلغ القطار باريس أول الضحا أقبل الفتى الدرعمي متضاحكا (متظاهرا بالضحك) وهو يقول سننقل المتاع الصامت الهامد أولا ثم ننقل المتاع الحي الناطق بعد ذلك.
الوصول للحي اللاتيني:
أسلم الدرعمي المتاح للحمالين ثم جاء للفتى كأنه يريد أن يحمله فنهض الفتى وسار معه كأنه لم يسكن في مكانه ثلاثين ساعة, وبعد قليل كان في غرفة جميلة رائعة بفندق من فنادق الحي اللاتيني ولم يكد يستقر حتى أصلح من ِأنه فقد كان ينتظر شخصا نازعته نفسه (اشتاقت) للقائه منذ شهور,وطالما أشفق (خاف) ألا يلقاه أبدا.
ويطرق بالباب آخر الضحا (قبيل الظهر) فأذن بالدخول ودخل شخصان وما إن سمع صوت واحدا منهما حتى انجلي (ذهب) حزنه وانجاب (انكشف وزال) عنه ياسه, وانصرف همه كأنه يستأنف (يبدأ) حياة جديدة لم يحيها من قبل, وحق له ذلك فهو يبدأ من يومه هذا حياة لا سبب (رابط أو نسب أو صلة) ولا صلة بينها وبين حياته الأولى.
مناقشة الفصيح
حدد أى العبارات الآتية (صواب) أم (خطأ):
1- كان الفتى فى سفره الطويل من القاهرة إلى فرنسا سعيدًا لم يعرف الحزن طريقًا إليه.
2- كانت صاحبة الصوت العذب تعين الفتى على دروس اللغة اللاتينية.          
3- كانت آفة العمى تؤدى الفتى فى دخيلة نفسه.         
4- لم يكن الفتى يواصل دروسه بسبب الآفة التى ابتلى بها.      
5- كان الفتى يستخفى بطعامه وشرابه.          
6- إن تقاليد الفرنسيين تحتم على المكفوفين وضع غطاء من زجاج أسود على أجفانهم.           
7- تضايق الفتى عندما اشترى له رفاقه غطاء زجاجيا لعينيه.   
8- اقترحت الجامعة على أسرة الفتى أن تسهم بنصف المرتب الذى كانت تمنحه للفتى بسبب الأزمة المالية التى تمر بها.          
س: "وكان صاحبنا مقسم النفس بين السعادة المشرفة والشقاء المظلم فى أثناء سفره هذا الطويل منذ ترك القاهرة إلى أن بلغ باريس ، كان سعيدا لأن الغمرة قد انجلت".
 ( أ ) هات مرادف "الغمرة" ومضاد "انجلت".     
(ب) ما الغمرة التى انجلت عن الفتى؟ ولم كان مقسم النفس؟      
(جـ) كيف كانت صاحبة الصوت العذب تساعد الفتى فى دروسه؟       
س: "والغريب من أنها كانت تؤذيه فى دخيلة نفسه وأعماق ضميره كانت تؤذيه سرا ولا تجاهره بالخصومة والكيد لم تكن تمنعه من المضى فى الدروس ولا من التقدم فى التحصيل ولا من النجح فى الامتحان".
 ( أ ) ما المراد "بالكيد" وما مضاد "سرا".         
(ب) كيف كانت آفة العمى تؤذى الفتى؟         
(جـ) كيف فهم الفتى هذه المقولة "إن العمى عورة"؟     
س: "وتملأ هذه الكتب الثلاثة قلب صاحبنا غما وهما وبغضا للحياة وضيقا من الناس وتلقى على نفسه ووجهه غشاء صفيقا من الكآبة ينكره الرفاق".
( أ ) هات مرادف "صفيقا" ومضاد "ينكره".       
(ب) ممن هذه الكتب؟ وما مضمونها؟  
(جـ) بم أحس الفتى بعد قراءة هذه الكتب؟      
تخير الإجابة الصحيحة لما يأتي:
1- كانت آفة العمى تؤذى الفتى:  (سرا  - جهرا  - فى السر والجهر )        
2- "إن العمى عورة" قائل هذه العبارة: (طه حسين- أبو العلاء المعرى - بشار بن برد)
3- تفرض التقاليد الفرنسية على المكفوفين:
( رابطة العنق  - الغطاء الزجاجى - السير فى أماكن مخصصة لهم )  
4- "أقسم لك ما عاد صديقك هذا ـ يريد الدرعمى ـ إلى فرنسا إلا من أجلك". قائل هذه العبارة:  (علوى باشا - والد الفتى - حفنى ناصف )      


سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات